الأربعاء، 21 مارس 2012

مذكرات على عشماوي آخر قادة التنظيم الخاص



التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين - مذكرات على عشماوي آخر قادة التنظيم الخاص

نبذة المؤلف:
هذا الكتاب، الذى بين يد القارئ هو عن الإخوان المسلمين في مصر، وتحديداً خلال الحقبة الناصرية (1952 - 1970)، التي تفاقم فيها الصدام بين " الضباط الأحرار" ، الذين سموا أنفسهم ثواراً، وأطلقوا على حركتهم ( الانقلاب العسكري على نظام الحكم الملكي في 23/7/1952) مصطلح " ثورة يوليو " ورغم أن السنتين الأولتين لثورة يوليو شهدتا تعاوناً، أقرب غلى التحالف ( 1952 - 1954 )، بين الثورة والإخوان، إلا أن ذلك انتهى في صيف 1954، تم تحول التحالف غلى خصام، ثم إلى صدام منذ خريف ذلك العام وإلى خريف 1970، الذي انتقل فيه الرئيس جمال عبد الناصر إلى الرفيق الأعلى.

مقدمة الطبعة الثانية

لما طلب منى كتابة مقدمة للطبعة الثانية من كتابي عن الإخوان المسلمين، لم يكن أمامي إلا اللجوء لبعض الخواطر عن سلوك الإخوان جماعة و أفراد حيث يستطيع القارئ فهم و استيعاب أحداث المذكرات التى كتبتها منذ سنين.
و لقد أثر فى فكرى بعد خروجي من السجن أن تيسر لى السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية و التى كنا ندرس كراهيتها مع دراستنا لأصول ديننا.
و لقد كان انبهاري شديد و إعجابي أشد لما رأيت من قيمة للإنسان و التى كنا قد نسيناها من كثرة ما عشنا من قهر و إهدار للحرية و الكرامة الإنسانية.
و لقد حضرت بعد وصولي إلى الولايات المتحدة بشهور قليلة مؤتمراً إسلامياً جامعاً نظمته منظمة الطلبة المسلمين، و كان فيه المئات من شتى الولايات و حضر الكثير من رموز الدعوة الإسلامية من العالم الإسلامى و تحدثوا بكل الحرية و قالوا ما لم يستطيعوا قوله فى بلادهم، و كان من بينهم الشيخ يوسف القرضاوى و الحاجة زينب الغزالى و الأستاذ جمال بدوى المصرى الذى يعيش فى كندا و الشيخ (عبدالله العقيل) الكويتى الجنسية و الذى كان يمول النشاط الإسلامى فى الكثير من بقاع الدنيا.
هذا المنظر زاد من إعجابى و حبى لأن يعيش الناس فى كرامة و أن يكون الفرد هو محور كل شئ، و رأيت أيضاً أن الكثير من قيادات الأخوان الهاربة و التى تعيش فى بلاد أخرى وجدت طريقها للتعامل مع المارد الأمريكى الذى حذرونا منه بل و إستفادوا كثيراً من المزايا التى يكفلها المجتمع الأمريكى لمن يعيشون فى كنفه، و وجدت أنهم يتعاملون بشخصيتين واحدة التشدد و بث الجمود فى عقول الأفراد و أخرى هينة لينة فى التعامل مع السلطات الأمريكية، قد تصل إلى حد المداهنة للسلطات الأمريكية بغية إعطائهم صورة حسنة عن الإخوان كي يفوزوا بتأييد أمريكاني ضد حكام دولهم، و كنت أعلم أن هذا نوع من الرياء مما زادنى ثورة عليهم لعلمى بحقيقة أمرهم و أنهم أساتذة فى هذا النوع من النفاق، و لعل الموضوعات القادمة تتناول بعض الجوانب من سلوكياتهم ..أرجو الله أن تفى بالغرض 

على عشماوي
======================================

لا رابطة أقوى من العقيدة ولا عقيدة أقوى من الإسلام" .. هذه الصيحة كانت كلمة حق أريد بها باطل، فقد كانت النداء الذي سيطر به الإخوان على شباب هذه الأمة، ثم قاموا بغسل أدمغتهم و السيطرة عليهم يوجهونهم إلى أى اتجاه يريدون.
و من هذا النداء انبثقت وسائل السيطرة و هى البيعة، و السمع و الطاعة. ذلك أن الشباب حين يدخل إلى الجامعة لابد أن تكون له بيعة، و البيعة مع مجموعات النظام الخاص، و هو الجهاز السرى للجماعة باستعمال المصحف و المسدس.
أما "إخوان الأسر" و هو النظام المعمول به لربط الإخوان تنظيماً فيكون باستعمال المصحف فقط، و لكن عم يبايع الأفراد ؟ .. إنه شئ مهم يحكم سلوكهم بإنهم يبايعون على السمع و الطاعة، و هذا هو مفتاح السيطرة و التحكم فى الأفراد.
و يقولون إن النظام الخاص قد انتهى و لكن الواقع أنه الآن موجود، فقد سيطر إخوان النظام الخاص على الجماعة و القيادات أغلبهم من هذاالنظام، و لقد نصبوا أفراد النظام فى القيادة بجميع مناطق العمل فى مصر لأنهم يرون أن هؤلاء هم الأقدر على الحركة فى الظروف الاستثنائية.
و هم يستفيدون حالياً من حالات الزواج البيني، حيث يتزوجون من بعضهم البعض، فتكون الاتصالات التى تتم فيما بينهم لها غطاء مهم جداً و هو النسب و القرابة، أما باقى الأفراد بالمنطقة فيتم الاتصال بهم فرادى، أى أن تزورهم مجموعة المسئولين فى كل منطقة فرادى و يوزعون عليهم البرامج فرادى.
و لكنهم ينتهزون الفرصة من آن لآخر فى المناسبات الدينية، فيتم عمل اجتماعات عامة فى المساجد، خاصة فى الريف و استحضار أحد دعاة الإخوان، و غالباً ما يكون من منطقة مجاورة، لتضليل رجال الأمن. و يتم تلقى الأوامر من القيادة العليا بالقاهرة عن طريق اللقاء الشخصى بقادة المناطق و هم بدورهم يقومون بإبلاغها إلى المستويات الأدنى حتى تصل إلى جميع الأفراد بيسر و أمان.
إن هذا ما يميز الإخوان الآن عن باقى الأحزاب الموجودة فى الساحة، فهى لا تعدو أن تكون جريدة و مجموعة أفراد يلتفون حولها، أما الإخوان فهم قاعدة منظمة تنظيماً جيداً و لديهم وسائل الاتصال على أحدث ما فى السوق، و هم يهتمون جدًا باستعمال الكمبيوتر لتيسير الاتصال بينهم.
لقد درس الإخوان جميع التنظيمات العالمية حين حاولوا بناء النظام الخاص، و قد تأثروا جدًا بالفكر الباطنى فى التاريخ الإسلامي، حيث كانت التنظيمات العباسية و العلوية و الشيعة و ما صاحبها من فرق سرية، مصدراً أساسياً تم الرجوع إليه و دراسته و الاستنارة بالأفكار الحركية فى كل تنظيم على حده.
و فيها أيضاً كانت هناك وقفة شديدة أمام فرقة الحشاشين أتباع مصطفى الصباحى، و استفادوا منهم و كان الانبهار من وصولهم إلى حد الإعجاز فى تنفيذ آليات السمع و الطاعة، و كيف كان الأف الأفراد يسمعون و يطيعون حتى لو طلب منهم قتل أنفسهم، أما الحركات العالمية الأخرى سواء كانت حركات إجرامية أو حركة سياسية مثل المافيا العالمية و التنظيمات الفرنسية، و أخيراً التنظيمات الصهيونية العالمية بما لها من قوة و انضباط و اتصالات بجميع القوى السياسية و معرفة إخضاع الخصوم و السيطرة عليهم أو تصفيتهم.
و لقد كان للأستاذ سيد قطب تعليق على ذلك، أن أى تنظيم يطبع أفراده بصفته، أى أن التنظيم لو كان إجراميًا، خرج الأفراد مجرمين، و إذا كان صهيونيًا خرج الأفراد معجبين بالصهيونية.
و كان يعلم أن قيادة النظام الخاص كانت مخترقة من الأجهزة الغربية الاستعمارية و تعمل لحسابها، و أن جميع الأعمال الكبرى التى يتفاخر بها الإخوان فى تاريخهم قد تم تفريغها من نتائجها، فمثلاً حرب فلسطين التى يفخر بها الإخوان باستمرار، فإنهم لم يدخلوا إلا معارك قليلة جدًا فيها، ثم صدرت من الشيخ محمد فرغلى الأوامر بعدم الدخول فى معارك بحجة أن هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين، و لكن هذا كان مبرره فى الأساس لحماية اليهود من إحدى القوى الخطيرة إذا استعملت، و تم تنفيذ الأوامر و ظل الإخوان فى معسكرهم لا يحاربون إلى أن عادوا من فلسطين.
و كان شباب الإخوان فى غاية التوتر و القلق لعدم اشتراكهم فى المعارك لدرجة أنهم اجتمعوا و قرروا أن الشيخ فرغلى قد خان و ينبغى تصفيته، و فعلاً قرروا ذلك لولا أن الخبر قد وصل إلى الشيخ فاجتمع بهم و شرح لهم الأمر و أطلعهم على الأوامر التى صدرت له من القاهرة و أسبابها.
و مثلاً هناك واقعة حادث فندق الملك جورج بالإسماعيلية، و قد كان هذا الفندق يعج بالإنجليز و بالجواسيس فى جميع الأشكال، و قد أراد الإخوان ضرب هذا الفندق، و لكن حين تم التنفيذ تم إفراغ العملية من أى تأثير ضار بالإنجليز، و كان من نتيجة ذلك أن قتل منفذ العملية دون أدنى ضرر بالإنجليز.
و لقد أورد الحادث الأستاذ صلاح شادى فى مذكراته فقال لقد أمرنا داخل قسم الوحدات على القيام بعملية إرهاب فى داخل فندق الملك جورج، بإشعال عبوة ناسفة لا تؤدى إلى قتل أو إصابته بجسامة، و إنما تعلم فقط عن ملاحقته للعملاء و المخابرات الإنجليزي، و كلفنا الأخ رفعت النجار من سلاح الطيران بالقيام بهذه العملية، بأن يحمل دوسيهاً به مادة ناسفة، و يشعلها ثم يتركها فى ردهة الفندق إلى جوار الحائط خلف ستارة مدلاة على حائط الردهة ثم ينهض بعد ذلك و يمضى خارج الفندق و جرى التنفيذ على أحسن وجه، و لكن ظهر للأخ رفعت عند مغادرته المكان أحد رجال المخابرات من الإنجليز الذى اقترب من المكان و لكن الأخر ظل ممسكاً بالدوسيه حتى انفجر فيه و مات متأثرًا بجراحه، فقد خشى أن يقتل رجل المخابرات الإنجليزي.
و هكذا فقد حافظوا على حياة الإنجليز و وصموا الجماعة بالإرهاب دون أدنى فائدة.
و موضوع آخر أكثر غرابة فقد نشط بعض الإخوان المتحمسين منغير إخوان النظام فى عمليات خاصة، من هؤلاء إخوان مصر الجديدة، و كانت لديه دراجة و مسدس، فكان يركب دراجته و ينتظر اليهود أمام بيوتهم بمصر الجديدة ثم يطلق عليهم الرصاص و ينطلق بدراجته، فقتل بعضهم و أصاب آخرين، و كان ذلك فى شهر أغسطس 1948 فما كان من عبد الرحمن السندى إلا أن أصدر تعليمات بالبحث عمن يفعلون ذلك و تسليمهم إلى النظام و منعهم من أى عمل مماثل لأن النظام الخاص كان يحد من أى عمل مماثل.
بدأت أراجع جميع أعمال الإخوان و التى كانوا يعتبرونها أمجادًا لهم بعد معرفتى بعلاقات العمالة و التبعية من بعض قادة الإخوان للأجهزة الغربية الصهيونية و التى أكدها لى المرحوم الأستاذ سيد قطب من أن عبد الرحمن السندى و الدكتور محمد خميس و الذى كان وكيل للجمعية فى عهد الأستاذ حسن الهضيبي و أن أحد أصحاب المطابع الكبرى و الذى كان أحد كبار الإخوان و كان عميلاً للمخابرات الإنجليزية.
أما تجربتى الشخصية و التى سمعتها مباشرة من صاحب الشأن و هو أننى التقيت فى عنبر بالسجن الحربى بالدكتور م. ع .ف " رئيس مكتب إدارى إحدى المحافظات الكبرى فى مصر بكل ما فيها .. قال إنه كان فى نهاية الأسبوع دائماً يذهب بصحبة زوجته و التى وصفها بأنها كانت من أجمل نساء الأرض كان يذهب كل أسبوع إلى الإسماعيلية حيث يسهر مع الضباط الإنجليز هو و زوجته، و يقضون الليل فى الرقص و لعب البريدج، و كان يقول أن الشئ الذى يتعب شباب الإخوان هو تفكيرهم الدائم فى الجهاد، و كان من السهل قيادتهم حين تحدثهم فى هذا الأمر.
هكذا نرى الضرر الفادح الذى يلحق الساذجين الذين ينتمون إلى مثل تلك التنظيمات، فهم مخلصون و قادتهم عملاء يتصرفون فيهم بلا آمان و لا رقابة و دون أى تقوى من الله الذى يبايعون الأفراد على طاعته و الالتزام بأمره، فيطيع الأفراد و يضل القادة، و يستعملون الأفراد فى غير طاعة و لا خوف من الله.
و حين يتصادف و يواجههم رجل واع يريد أن يناقش و أن يفهم مثل ما فعلا السكرى و من بعده مصطفى مؤمن فيكون مصيرهم الفصل من الجماعة.
و بعد فلقد هب الإخوان فجأة يسابقون الزمن و يصعدوا من نشاطهم فقد قاموا بمظاهرات صغيرة، ثم مظاهرات أكبر مستغلين فيها طلبة الجامعات و ما يدهشنى هو هذا التحرك المفاجئ. و على أى شئ يرتكز و هل حساباتهم هذه المرة صحيحة أم ستكون كالمرات السابقة، يستعملون فيها مخلب قط، و تكون النتيجة أن يجنى غير ثمرة جهدهم، و يهبونهم إلى غياهب السجون حيث اعتادوا.
السؤال هو: هل هم مستعدون أن يجعلوا الكثير من شعاراتهم في مواقفهم كى ينسجموا مع المجتمع المدنى الذى يريدون أن يتعاملوا هم حسب قواعده كما أعلن الكثير من قادتهم الحاليين، فما الذى سيقولونه لقواعدهم عن الجهاد سبيلنا و الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا و هل سيتغير الخطاب الإخوانى عامة و يتوقف عن أن يكون خطاباً عدوانيًا، متربصًا، و منتهزاً الفرصة للانقضاض و الانقلاب على حلفائهم، هل هم مستعدون للقبول بالدستور المدنى و احترام بنوده أم أن نبذ العنف بأشكاله و صوره مجرد شعارات للمرحلة الحالية، ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه، هل يدركون أن فى مصر عدداً ليس بقليل من الأقباط، أنه ينبغى طمأنتهم على أحوالهم خاصة ان أحد قادة الإخوان السابقين كان قد ألعن كلامًا ضد الأقباط، ثم اضطر أن يعتذر عنه و هو المرشد الأسبق مصطفى مشهور، كل هذه الأمور ينبغى أن تدرس بجدية و أن يتضح الموقف من كل أمر بوضوح، و لعلهم يدركون الآن أنهم يتحركون وحدهم بعيداً عن باقة القوى الوطنية التى ابتعدت عنهم الواحدة تلو الأخرى لأن الأسلوب المتبع غير مقنع والموقف لا يحتمل المغامرات.

خطة الصدام :


علمنا أثناء فترة التدريب مع أخوة ميت غمر أن الخطة المقترحة
للصدام ستأخذ شكلاً غير متوقع وأنها تعتمد على التحركات الآتية :


أولاً : تأمين الجيش عن طريق بعض الأخوان الذين كانوا فى الخدمة
ولا يعلم بهم تنظيم عبدالناصر، وكان على هؤلاء واجب تحييد الجيش فقط
والتأكد من عدم تحرك وحدات أخرى لقمع الحركة الشعب ية المخططة .


ثانياً : القبض على بعض الشخصيات المهمة والتى لها ثقل عند
الصدام وإذا لم يتمكن من القبض عليهم فهناك خطة بديلة لاغتيالهم .


ثالثاً : قيام جميع الأخوان على مستوى الجمهورية بالاستيلاء على
أقسام البوليس والمباني المهمة كل فى حدوده مستعيناً بأقل عدد من الأخوان
المدربين، حيث أن هذه الحركة فى الأقاليم لا تحتاج إلى أعداد مسلحة.


رابعاً : تقوم المجموعات الوافدة إلى القاهرة بالانضمام إلى إخوان
القاهرة فى عملية الاستيلاء على المبانى الحكومية ذات التأثير، وقد كانت
محددة بدقة ولكل مكان يحدد الأخوة المكلفون ب ه.
ومن المهام التى كانت منوطة بالإخوان الوافدين من الأقاليم القاهرة
والتى سيتم تنفيذها تحت قيادة إخوان القاهر ة.


- أقسام البوليس فى جميع أحياء القاهر ة.


- مبنى الإذاعة.


- قطع الطرق المؤدية من ثكنات الجيش إلى داخل القاهر ة.


- قطع الطرق الداخلة إلى القاهرة من جهة الإسماعيلية.


خامساً : يقوم قسم الطلاب بحركة مماثلة لما حدث فى مارس مع
اختلاف أن المظاهرة فى هذه المرة ستكون مسلحة، وستقوم هذه المظاهرة
بدور الحدث الضخم الذى يغطى بباقى العمليات، وإتمام حصار القصر
الجمهورى والاستيلاء عليه بعد أن تكون باقى المنشآت الحكومية والمهمة قد
تمت السيطرة عليها فى خطة زمنية مفصلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق