الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

لغز سقوط بغداد .








بعد مرور سنوات على احتلال العراق ، مازال اللغز الذي يشغل الجميع هو لماذا انهارت بغداد كأحجار الدومينو عندما وصلت القوات الأمريكية إلى أطرافها في 9 إبريل عام 2003 ؟
فالعراقيون على اختلاف مآربهم لم يكن يساورهم أدنى شك فى أن بغداد ستنتفض مقاومة عندما يقترب الغزاة من أطرافها خاصة وأن الرئيس الراحل صدام حسين طوال أشهر سبقت الحرب كان يتغنى ليل نهار بأن بغداد ستكون مقبرة للغزاة في ضوء ما تتمتع به من تحصينات وحشود عسكرية وترسانة أسلحة كبيرة .


وما ضاعف المرارة في قلوب العراقيين والعرب أن قرية صغيرة فى جنوب العراق هى أم قصر ظلت تقاوم قوات الاحتلال مدة أسبوعين فى حين لم تقاوم بغداد أبدا ، وفجأة اختفت قوات الحرس الجمهورى والجيش العراقى من العاصمة وذهل العالم وهو يرى قوات الاحتلال تسقط تمثال صدام حسين فى ميدان الفردوس الشهير بوسط بغداد في 9 إبريل وكانت الصدمة المروعة عندما نقلت الفضائيات مشاهد النهب والسرقة تحت أعين الغزاة والتي لم تقتصر على المحلات العمومية والخاصة بل طالت كذلك رموز الهوية الوطنية مثل المكتبات والمتاحف .


وأطل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بعد السقوط المدوى ليتوجها برسالة إلى الشعب العراقي يرددان فيها ما دأب الاستعماريون القدامى والجدد على قوله كلما دخلوا بلدا جديدا وأخضعوا شعبه بالقوة الغاشمة وهو الادعاء أن "جيوش التحالف" لم تدخل العراق غازية بل "محررة" وبشرا الشعب العراقي بـ"الديمقراطية" وبـ"إعادة البناء" ، إلا أن القصف الجوى الوحشى الذي أودى بحياة آلاف العراقيين الأبرياء ونتج عنه تدمير المدن والقرى والبنية التحتية ونهب الهوية وطمس الذاكرة من خلال استهداف المكتبات والمتاحف هي جرائم فضحت أكاذيب الاحتلال منذ وطأت أقدامه أرض العراق في 20 مارس 2003 .
وتعددت الروايات حول ماحدث في 9 إبريل ، ففى الوقت الذي ادعى فيه بعض قادة الجيش العراقى أن سياسة وخطط صدام هي التى أدت إلى احتلال العراق بذلك الشكل " المهين " ، ألقى صدام من جانبه اللوم على الخونة دون تحديد وأشار فى رسالة بعث بها من مخبئه فى 30 إبريل 2003 وأذاعتها القنوات الاخبارية العربية إلى أن الخيانة كانت وراء سقوط بغداد، قائلا :" لم ينتصروا عليكم يا من ترفضون الاحتلال والذل ويا من فى قلوبكم وعقولكم العروبة والإسلام إلا بالخيانة." 
وفي الذكرى السابعة لسقوط بغداد ، نستعرض أبرز الروايات حول لغز السقوط المدوى على أمل التوصل لإجابة التساؤلات التالية : لماذا اختفى الجيش العراقى فجأة وسقطت بغداد بدون قتال في 9 إبريل؟ وهل كان الانهيارالمفاجئ بسبب خيانة بعض قادة الجيش؟ أو خيانة المحيطين المقربين لصدام؟ أو أنه نتيجة تخاذل صدام نفسه؟ .
مسئولية الرئيس
والبداية كانت مع مقابلات أجرتها صحيفة الشعب اليومية الصينية في 9 إبريل 2004 أي في الذكرى الأولى لسقوط بغداد وأشار خلالها عدد من العسكريين العراقيين إلى أن الجيش العراقى كان مكونا من وحدات يائسة ليس لها قيادة مركزية إذ أمر بعض القادة جنودهم بعدم القتال فيما جرى إخفاء الطائرات المقاتلة العراقية بأمر من صدام بجانب أن الرادارات والبطاريات كانت معطلة أو تعمل بنصف طاقتها.


ووفقا للعسكريين العراقيين ، فقد كانت الخطة التى وضعها صدام وأصبح كل عراقى على علم بها أن القوات الأمريكية عندما تحاول دخول بغداد سيدمرها فى حرب الشوارع لكن أحدا من الضباط والجنود لم يكن يثق بهذه الخطة التى ثبت فيما بعد فشلها .


وكشف اللواء عبد الكريم عبد الرزاق أحد قادة الجيش العراقى في هذا الصدد أنه جمع من تبقى من جنوده فى صباح السابع من إبريل وكانوا مرهقين ومتعبين جدا ، في وقت كان فيه الطيران الأمريكى يقصف والقوات الأمريكية تتقدم والجيش العراقى يتلقى أوامر بمواصلة القتال .


واستطرد يقول :" عندما أصبح واضحا أننا فقدنا السيطرة أصدرت أمرا لجنودي بالانسحاب لأن بقاءهم يعني موتهم " ، موضحا أن القوات العراقية انهارت من الداخل فى الأيام الأخيرة من الحرب حيث فر الجنود من وحداتهم ورفض الضباط دفع جنودهم إلى موت أكيد على أيدى تكنولوجيا متفوقة للقوات الأمريكية.


وفى السياق ذاته ، قال العميد حسن جبانى إن 70 بالمائة من جنوده لاذوا بالفرار فى الثالث من إبريل ، مشيرا إلى أنه أدرك عدم وجود أية فرصة بالفوز فتركهم يذهبون.


ونقلت الصحيفة الصينية عن عسكريين عراقيين آخرين قولهم إن انهيار الجيش العراقى تم ليس بسبب الضربات الأمريكية فحسب لكن بسبب طريقة بناء الجيش وانعدام الثقة والممارسات القمعية خاصة بعد أن خسر صدام حرب الخليج عام 1991 حيث فقد ثقته بجيشه النظامى وبدأ ببناء قوات متخصصة تعمل خارج نطاق الجيش النظامى .


وقال اللواء ياسين محمد الجبورى فى هذا الصدد إن صدام خلق جيوشا صغيرة لحماية عشيرته ومصالحه لأنه كان خائفا من أن يتمرد الجيش النظامى عليه كان صدام يكلفهم بواجبات يصعب إنجازها ثم يغدق عليهم الهدايا، ما جعلهم يزودونه بتقارير مبالغ فيها وكاذبة مثلما حدث بالنسبة الى المدفع العملاق الذى لم يتجرأ أى من الضباط أن يخبر صدام بأن المدفع لن يعمل .


وأضاف أن الأخبار التى وردت من الجنوب فى بداية الحرب كانت مشجعة ورفعت من معنويات الجنود لكن بعد وصول القوات الأمريكية إلى مطار بغداد انهارت معنويات الجنود، وهرب نصفهم، بينما اختفى الآخرون فى بنايات مهجورة قرب طريق المطار. 
وفي مقابلة مع فضائية العالم الإيرانية في 7 إبريل 2004 ، كشف اللواء مزهر طه الغنام وهو ضابط ركن في وزارة الدفاع العراقية خلال الحرب أن وزارة الدفاع منعت من التخطيط وإدارة معركة بغداد رغم أنها هي المعنية بذلك ، قائلا :" لم يسمح لوزارة الدفاع أن تخطط للدفاع عن بغداد ولا أن تدير معركتها لذلك كان دور الوزارة ثانويا وأوكلت هذه المهمة إلى الحرس الجمهوري وكان يشرف على الحرس الجمهوري ويقوده قصي نجل الرئيس السابق وهذا الرجل لم يكن عسكريا إنما هو خريج كلية القانون ". 


وتابع " قبل أكثر من سنة من الحرب أعدت وزارة الدفاع العدة وحولت مدن العراق إلى وضع يسهل الدفاع عنه من ناحية التعبئة والإعداد على الارض وتهيئة مواضع دفاعية متعاقبة وتوزيع أكداس العتاد ومواد تموين القتال ووضعت الخطط الدفاعية للدفاع عن جميع مدن العراق وحسبت حسابات كثيرة من ضمنها التخلي عن بعض المدن ذات الأهمية الثانوية والتركيز على الدفاع عن المواقع ذات الاهمية الاستراتيجية المهمة وحسب أهمية هذه المدن وقسم العراق إلى مناطق لتلافي حالة انقطاع الاتصالات وتم تعيين قادة لهذه المناطق ولكن مع الأسف أن القادة لم يكونوا قادة عسكريين إنما كانوا يتمتعون بصفة سياسية".


وأضاف الغنام قائلا :" هناك مبدأ عسكري هو يجب عدم زج الوحدات قبل تنظيمها وتدريبها وتهيئة الإسناد الإداري والناري لها فعندما لاتكون هذه الأمور مهيأة تجد الوحدة العسكرية نفسها في حرج ولا تتمكن من أن تؤدي واجبها وهذا ما حصل ، إن القوات المهاجمة تقدمت من محاور لاتوجد فيها الوحدات بكثافة واستفادت من قدراتها على الاستطلاع كذلك كان لديها متعاونون بشكل كبير من خارج العراق أو داخله ، الوحدات العسكرية للحرس الجمهوري وجدت نفسها مشلولة ولم تتمكن من تأدية دورها في الدفاع عن بغداد ووزارة الدفاع كانت ممنوعة من قبل القيادة السياسية أن تدير معركة بغداد".


وشدد على أن هناك أسبابا أخرى أدت إلى هذا الانهيار السريع وهي ضعف الأداء والإهمال والتقصير في أمور كثيرة منها ضعف القيادة وعدم تهيئة مواضع دفاعية بشكل صحيح وعدم تهيئة مسرح العمليات بشكل صحيح وهذا أدى إلى إرباك الوضع العام ، وتساءل " كيف يقاتل الجندي الذي لايوجد لديه موضع للقتال؟ إذا لم تكن منظومة موانع امامه كيف يقاتل؟ إذا لم يوجد اسناد ناري كاف له كيف يقاتل؟ إذا لم يكن إسناد إداري ولاتوجد خطة واضحة كيف يقاتل وحتى الوحدات التي تأتي للتعزيز تتنقل في تلك الظروف الصعبة وتقطع مئات الكيلومترات وتصل إلى بغداد ولا تجد مكانا تقاتل فيه فهذا أدى إلى إرباك وضعف في الأداء ".


وأشار الغنام أيضا إلى أن ما حصل من تناقضات في القيادة ومنع القادة العسكريين المحترفين من أداء دورهم يعود إلى أسباب أمنية لأن صدام كان يخشى من الانقلاب العسكري لذلك لم يقوموا بواجباتهم الرئيسية في الدفاع عن بغداد ، وقال :" إن الحرس الجمهوري لم يكن له قائد وهو تشكيلة غريبة علينا كعسكريين" . 
وأضاف " كان للحرس الجمهوري رئيس أركان وعين قصي صدام مشرفا عليه باعتباره القائد وحسب معلوماتي أن رئيس الأركان لايمتلك القرار الحقيقي للتصرف بالحرس وإنما القرار الحقيقي بيد المشرف وهو رجل مدني يمتلك خبرات قليلة وفي تقديري أن الحرس الجمهوري لم تتوفر له القيادة المناسبة ولم تهيأ له الظروف المناسبة للدفاع عن بغداد ووزير الدفاع لم يكن يمتلك الصلاحيات اللازمة ولا يستطيع أن يصدر أمرا يتعارض مع توجيهات قائد المنطقة الجنوبية علي حسن المجيد أو قائد المنطقة الشمالية عزة الدوري أو غيرهم لذلك فان القادة العسكريين كانوا مقيدين ومهمشين".


وواصل الغنام حديثه قائلا :"حسب علمي أبلغ قصي وزير الدفاع بأن الدفاع عن بغداد مهمة الحرس الجمهوري وأن وزارة الدفاع ما عليها إلا أن تكون متفرجة في هذا الجانب"، مشددا على أن وزارة الدفاع كانت على ثقة أن الإجراءات المناسبة لم تتخذ للدفاع عن بغداد .


وعن معركة المطار التي اعتبرت بداية الانهيار ، قال الغنام :"في وزارة الدفاع ومنذ الأيام الأولى قلنا لهم (القيادة ) إن أول هدف سيهاجم في بغداد هو المطار الدولي وكان لدينا وضوح تام بهذا الموضوع لأننا كنا نضع أنفسنا مكان المهاجم".


رواية هيكل
ومن جانبه وفي إحدى حلقاته على فضائية "الجزيرة" ، كشف الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل أنه والأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى العراق اطلعا على رسالة كتبها الدبلوماسي العراقي السابق نزار حمدون والذي كان ضمن قلائل يلتقون صدام ويتحدثون معه بصراحة وتروى الرسالة حوارا بين صدام ونزار قبل الحرب مباشرة يقول فيه صدام : "الغزو سوف يحدث لكن الحرب الحقيقية أو القتال الحقيقي سوف يكون بعد ذلك فأنا أعرف الشعب العراقي وأمريكا لا تعرفه".
وعلق الكاتب الصحفى محمود المراغى في مقال له بصحيفة "العربى" المصرية في 15 أغسطس 2004 على رواية هيكل قائلا : "إنها تعنى أن الغزو قادم ولا مفر منه وأن القوة العراقية لا تستطيع الصمود حتى النهاية لتحول دون وقوع الاحتلال وأن حربا حقيقية أو قتالا حقيقيا سوف يعقب ذلك فهذه هى طبيعة الشعب العراقى الذى خاض معارك كثيرة وبشراسة واضحة ".


ووفقا للمراغى ، فإن الأرجح أن أمرا قد صدر بإيقاف القتال من جانب واحد هو الجانب العراقى وأن ذلك الأمر كان يعنى اختفاء الأفراد والأسلحة ليتم استئناف الحرب بعد ذلك وعلى هذا النحو فإن الحرب مازالت معلقة لم يتم حسمها رغم ما بدا من مشهد درامى تابعه العالم على شاشات التليفزيون حين اختفى الجنود ثم اختفى التمثال ثم ارتفع العلم الأمريكى.


واستطرد يقول :" نعم الحرب لم تنته لحظة الغزو والحرب الممتدة حتى الآن وطبقا لرواية هيكل ما هى إلا تعليمات قد صدرت يوم 9 إبريل ". وأضاف المراغى أن الجيش العراقى والحرس الجمهورى وفدائيى صدام الذين بلغ عددهم نحو نصف مليون خرجت الغالبية العظمى منهم سالمين خلال القصف الجوى الأمريكى العنيف كما أن ترسانة الأسلحة الضخمة ظلت قائمة فى جزء كبير ، بالإضافة إلى أن الجيش العراقى المنتشر والمتخفى والذى أخذ بالتأكيد أشكالا تنظيمية مختلفة ولا مركزية، هذا الجيش مازال يحتفظ بوسائل تطوير وتصنيع أسلحته فى حدود المهام المنوطة به الآن وهى: الحرب الشعبية التى تستخدم أسلحة تتخطى ما تسميه أسلحة فردية إنهم يملكون الصواريخ ومضادات الطائرات والدبابات وهم يوقعون بجيش الاحتلال الكثير من الخسائر والتى قد تكون فى جانبها المادى أكثر من جانبها البشرى.


وبناء على ما سبق ، رجح المراغى أن الجيش العراقى هو عماد المقاومة وأن لأفراده القدرة على الاختراق والقيام بعمليات استخباراتية يعرفون من خلالها تحركات وأسرار العدو حتى أن كبار القادة مثل بريمر وجون أبى زيد كادوا يقعون فى الشباك لولا الصدفة ، والقدرة على وضع خطط حربية خالصة تختلف فى نوعياتها عما تقدمه عناصر فدائية استشهادية لا تملك غير حزام ناسف يودى بحياتها وقد يودى بحياة الآخرين بل انها تختلف عما يقدمه البعض من سيارات مفخخة على طراز الحرب اللبنانية، والقدرة على المواجهة والقتال والاحتفاظ بالمواقع الحصينة.


واستطرد قائلا :" هكذا فإننا أمام جيش كان نظاميا ومازال على قدر من نظامه وإن كان الأرجح ان مركزيته قد انتهت بسبب الظروف التى يعمل فيها . ومقاومة الجيش لاتنفى وجود تنظيمات غير منتمية للجيش السابق فنشوء حركة مقاومة أو حركة تحرير شعبية أمر منطقى ووارد بل هو قرين كل احتلال كما أنها لاتنفى وجود عناصر متطوعة وافدة من خارج الحدود بدافع قومى أو إسلامى".


ويبدو أن قصة الخيانة بحسب المراغى وهيكل ونزار حمدون ليست هي القصة الحقيقية أو الرئيسية وأن سقوط بغداد كان بفعل فاعل عراقى رأى أن بغداد سوف تدمر وأن القرار الصحيح ليس الاستسلام وليس مواصلة الحرب وإنما الاختفاء والانتشار ثم إعادة الكرة فى وقت لاحق ، أى أنها الحرب المؤجلة والممتدة .


الخيانة هي السبب


وفي المقابل ، نشرت صحيفة "الوطن" العمانية في أواخر إبريل 2003 رواية بعثية عما حدث في معركة سقوط بغداد أوضح خلالها الدكتور قاسم سلام عضو القيادة القومية لحزب البعث المنحل أن معركة المطار كانت هي المعركة الفاصلة في الحرب بل هي "أم الحواسم" كما أسماها ، غير أنه سبقها ظهور بوادر تململ في صفوف الجيش العراقي في البصرة ، حيث عمد بعض كبار الضباط إلى تصرفات تهدف إلى التخلص من الفدائيين والمتطوعين العرب.


وتابع " عندما تم الإنزال الأمريكي في مطار صدام الدولي امتنع الحرس الجمهوري عن التوجه للقتال في المطار ، ما دفع الرئيس صدام حسين إلى قيادة إحدى كتائب الحرس شخصيا ، مستقلا الدبابة الأولى التي هاجمت القوات الأمريكية في المطار مسنوداً بقوات المتطوعين العرب والفدائيين، حيث تمكن بهذه القوات من قتل العشرات من الجنود الأمريكيين قبل انسحابهم ، رغم أن طيران الجيش امتنع عن توفير غطاء جوي له".


ووفقا للمسئول البعثى السابق أيضا ، فإنه بعد هذه المعركة الفاصلة التي حسمت لصالح العراق، وبدلا من أن ترتفع المعنويات ، بدأ فصل جديد من المؤامرة تمثل في ازدياد كثافة عمليات إنزال أعداد محدودة من الدبابات الأمريكية داخل مواقع متعددة داخل بغداد وإنزال أفراد معارضة عراقية بواسطة المروحيات الأمريكية كانوا جاءوا من خارج العراق ليقوموا بإلقاء الورود على المحتلين ونهب المؤسسات العامة بدءا من الثامن من إبريل بهدف خلخلة الجبهة الداخلية للعراق.


وأضاف " ترافق هذا مع شائعة مقتل الرئيس صدام حسين بعد توقف الإذاعة والتليفزيون العراقيين ومهد كل ذلك للنهاية المأساوية المتمثلة في تخاذل قيادة الصف الأول في الحرس الجمهوري التي أعطت تعليمات لقادة الصف الثاني مرروها بدورهم نزولا إلى الجنود تفيد بانتصار الأمريكان وانتهاء المعركة ووجوب الانسحاب والاختفاء استعدادا للمعركة المقبلة طويلة الأمد مخلفين وراءهم أسلحة تكفي لخوض حرب تستمر لسنة ونصف".


واستطرد عضو القيادة القومية لحزب البعث المنحل قائلا :" إن الجيش وكذلك الحرس الجمهورى لم يخوضا المعركة الإستراتيجية في بغداد ، التلاعب بدأ في البصرة وقد رويت لي بعض الروايات من قبل بعض الرفاق تقول إنه في احدى المواجهات التي وقعت في البصرة ، كان هنالك ثلاثة من الفدائيين العرب واثنان من العراقيين هوجموا وتمت السيطرة عليهم وأسرهم من قبل القوات الأمريكية وعندها خاطب أحد الفدائيين ضابطا في الجيش العراقي ، متسائلا: كيف يأسرون رفاقنا ونحن نتفرج..؟! أجابه الضابط: ما عليك..! ، هنا قام الفدائي بإطلاق الرصاص من رشاشه على السيارة الأمريكية التي كانت تقل الفدائيين الخمسة كأسرى ما أدى إلى انقلابها وتم تحرير الأسرى وانضم المقاتلون العراقيون إلى الفدائي العربي وحرروا الفدائيين الأسرى وقتلوا الجنود الأمريكان الذين كانوا قد أسروا الفدائيين".


وأضاف " هذه الرواية تشكل مؤشراً إلى أن هذا الضابط العراقي كان يريد ايهام الفدائيين بوجود كمين غير مرئي للجيش العراقي سيقوم باعتراض السيارة الأمريكية التي كانت تقل خمسة من الفدائيين أسرى في حين أنه كان يكذب ، كان يريد للأمريكان أن يأسروا الفدائيين العرب ، إزاء حالة التململ التي بدأت في صفوف قادة الصف الأول في الجيش بدأنا نشعر بوجود ثغرة في السيطرة".


واسترسل المسئول البعثى السابق قائلا :" وفي معركة المطار ، طلب صدام حسين تغطية عمليات الكتيبة التي يقودها من قبل طيران الجيش ، لكن طيران الجيش لم يحضر، ما جعل الدبابات العراقية مكشوفة، وصدام حسين مكشوفاً ، غير أن السماء وفرت الغطاء له إذ ثارت عاصفة رملية لم يعرف العراق مثلها من قبل وشكلت هذه العاصفة ستاراً لكتيبة الحرس الجمهوري التي يقودها صدام حسين ، إلى جانب الظلام الدامس الذي ساد في الحادية عشرة من مساء السادس من إبريل جاءت العاصفة الرملية لتكمل انجاز مهمة ستر الكتيبة العراقية التي يقودها صدام ".


وواصل قاسم سلام اعترافاته قائلا :" فوجئت القوات الأمريكية بقوات من الفدائيين العرب تهاجمهم في المطار، وبصدام حسين على رأس كتيبة دبابات فوق رؤوسهم ولم تبق تلك المعركة أحدا من افراد القوات الأمريكية في المطار، لقد دمر كل ما كان موجوداً من القطع العسكرية والأسلحة والبشر وحاولت أمريكا التقاط أنفاسها عبر سحب بعض الجرحى والهرب من ذلك الجحيم بواسطة طائراتها التي حلقت في السماء وقد تم تحرير المطار كما تم تحرير أبو غريب وعاد الرئيس إلى نفق الشرطة وتمت تصفية الدبابات التي أنزلت هناك وكذلك الدبابات التي أنزلت في ساحة الاحتفالات وكان عددها ست دبابات وعلى ذلك فقد كان كل شيء يوم السابع من ابريل تحت السيطرة".


وفي تفسيره لأسباب انقلاب الموازين منذ 7 إبريل ، قال المسئول البعثى السابق :" فجأة ، اختفى الحرس الجمهوري الذي كان متحصنا في البساتين، وذلك جراء تعليمات من قادة الصف الأول في الحرس إلى قادة الصف الثاني بإبلاغ أفراد الحرس بأنه كي نتمكن من تنظيم المواجهة في معركة مفتوحة طويلة الأمد فإن أفضل ما يمكن فعله الآن هو الاختفاء ، إضافة إلى ذلك ، فقد تم ترويج شائعة تقول إن صدام حسين قد قتل إلى أن ظهر يوم 8 إبريل في الوزيرية والكاظمية وظهر لهم ثانية في اليوم التالي في شارع 14 رمضان ، لكن حالة التململ التي بدأت في الصف القيادي الأول في البصرة انتقلت إلى بغداد ما تسبب بالسقوط السريع لبغداد".


وشدد قاسم سلام في هذا الصدد على أن أعمال النهب نفذها رجال المعارضة الآتون من الخارج والذين نجحوا في استقطاب بعض العناصر الداخلية ، قائلا " لكن الذين كانوا يتقدمون الصفوف هم الآتون من الكويت والسعودية وبلغاريا ورومانيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وإيران ، لقد دخل خمسة آلاف مسلح من إيران".


واستطرد " لقد تعامل الفدائيون بقسوة مع منفذي أول عملية نهب وعند ذلك تدخلت الدبابات الأمريكية لحمايتهم ، كان يتم تسيير دبابات أمريكية على شكل دوريات في المناطق المستهدفة بالنهب أو يتم وضع دوريات ثابتة من الدبابات على شكل حواجز لتوفر الحماية لمن ينفذون أعمال النهب والحرق وكانت الدبابات تسحب بعد الانتهاء من النهب والحرق" .


واختتم قاسم سلام قائلا :" إن منفذى عمليات النهب لم يتركوا مصنعا أو مؤسسة أو متجراً حكوميا إلا دمروه وكأنهم أرادوا الإنقضاض على كل ما بناه صدام حسين خلال 35 سنة من حكمه للعراق ".
                                                            رغد
رواية رغد
ويبدو أن شهادة رغد الإبنة الكبري لصدام لم تختلف كثيرا عما سبق ، حيث أدلت بعد فرارها للأردن بتصريح لشبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية في أغسطس 2003 اتهمت فيه مساعدين مقربين من والدها بخيانته ومساعدة القوات الأمريكية في الاستيلاء على بغداد ، قائلة :" سقوط بغداد كان صدمة كبيرة جدا ، كان واضحا للأسف أن الأشخاص الذين وضع فيهم ثقته بالمطلق كانت الخيانة الأساسية منهم ، هذا تخاذل ، الإنسان ممكن لا يحبك لكن لا أغدرك، الغدر ليس من شيم العرب".


قنابل نيوترونية وراء الهزيمة


وخلافا لما سبق ، كشف القائد السابق للحرس الجمهوري العراقي الفريق أول سيف الدين الراوي في مقابلة مع فضائية "الجزيرة" عشية الذكرى الرابعة لسقوط بغداد أن القوات الأمريكية استخدمت قنابل نيوترونية ضد الجيش العراقي إبان معركة مطار بغداد عام 2003.


وأضاف " الأسلحة النيوترونية التي استعملها الجيش الأمريكي تقتل البشر وتحرق الأجساد تماما لكنها تبقي الأسلحة والأبنية سليمة " ، مشيرا إلى أن الجيش الأمريكي استخدم أيضا في معركة المطار قنابل تزن تسعة أطنان وقنابل فوسفورية حارقة قادرة على إحراق منطقة عمليات بحجم سرية إضافة إلى عوامل تشل القدرة.


وأكد في هذا الصدد أن الجنود العراقيين الذين قال إنهم كانوا من قوات النخبة قاتلوا حتى الموت ولم ينج أحد منهم خلال تلك المعركة التي جاءت قبل أربعة أيام من استكمال القوات الأمريكية احتلال بغداد.
مذكرات صدام 
وأخيرا هناك مذكرات صدام التي نقلها عنه محاميه خليل الدليمي ونشرها في عام 2009 في كتاب بعنوان "صدام حسين من الزنزانة الأمريكية..هذا ماحدث" ، حيث علق الرئيس العراقي السابق مجددا على لغز سقوط بغداد ، قائلا :" بغداد لم تسقط ، بغداد احتلت ، وستتحرر بسواعد الأبطال ، الاحتلال شيء والسقوط شيء آخر وهذه ليست المرة الأولى التي تحتل فيها بغداد، فقبل الأمريكان وعبر التاريخ تعرضت لغزوات كثيرة وتنازعها الأعداء من كل الجهات وتكالب عليها الفرس وغيرهم وهي حلقات متواصلة واحتلها المغولي هولاكو فأحرق ودمر وقتل وعاث فيها فسادا".


وتابع صدام " اليوم تتكرر الحالة لقد جيش بوش جيشه ومرتزقته وعبر المحيطات ونحن لم نعتد على أحد لكنهم كانوا يضمرون لنا الشر ويريدون نهب خيراتنا وتدمير بلدنا وقد حاولنا بكل ما نملك تجنب شرورهم".


وأضاف " في السياقات العسكرية لا يمكن فصل النتيجة عن السبب فهما حالة واحدة والمعركة الواحدة هي سلسلة حلقات للوصول إلى تحقيق الهدف ، فكيف إذا كانت المعارك متواصلة منذ العام 1990 وما رافق ذلك من حصار ظالم دام أكثر من ثلاثة عشر عاما وفقدنا بسببه أكثر من مليون ونصف مليون عراقي ما بين طفل وشيخ وامرأة وحتى الشباب ، إذن فلا يمكنني أن أجتزئ وأتحدث عن معركة واحدة هي بحد ذاتها كانت هدفا ونتيجة لسلسلة طويلة ، ألم يكن قصف أمريكا للعراق مستمرا منذ ذلك التاريخ ، أليست أمريكا هى من وضع خطوط الطول والعرض وأسموها مناطق حظر الطيران؟".


واستطرد صدام قائلا :" من الأمور التي لابد أن نذكرها خارج السياقات العسكرية والقتالية المعمول بها والتي لم يتوقعها حتى إخواننا القادة وهم يضعون خططهم العسكرية والخطط البديلة هو قيام العدو بالمباشرة بالهجوم البري الواسع متزامنا مع القصف الجوي والصاروخي وحتى المدفعي وذلك لتليين الأهداف كما سبق ، وعادة ما يستمر هذا وفقا لما هو معمول به عدة أيام وربما شهر أو أكثر كما كان عليه العدوان الأمريكي 1991، حيث استمر القصف لأكثر من شهر ثم بدأ الهجوم البري بعد ذلك".


وتابع "من الأمور الأخرى التي كنا قد وضعناها في حساباتنا أن العدو سيتقدم من جبهتين أو أكثر مع إنزالات هنا وهناك ، إحدى هذه الجبهات معروفة وهي الحشد الأكبر للقوات الأمريكية (الكويت) والثانية من الجبهة الغربية".


واستطرد " أما ما يخص الصمود الرائع للبواسل في أم قصر من أبطال لواء المشاة (45) ، فقد قام هذا اللواء بقتال العدو بشكل أذهل العالم وصموده الأسطوري زعزع الثقة في نفوس الأمريكان والبريطانيين وهز معنوياتهم كذلك كان صمود قواتنا الباسلة في الزبير ومقاومتها الشديدة ، فقد عضد وعزز معنويات إخوانهم في هذا البطل ، كما أن صمود قواتنا المسلحة ومن خلفها ظهيرها شعب العراق الأبي في كل الجبهات أعطى العزيمة لباقي القواطع".


وتابع صدام قائلا : "وبعد أن تمكن العدو من احتلال بعض مدن العراق كان يريد إيصال رسالة واضحة وهي أن كل شيء قد انتهى وبالتالي تدمير معنويات العراقيين، جيشا وشعبا، فضلا عن استخدامه أسلحة محرمة دوليا في ضواحي بغداد".


واسترسل " المقارنة بين الذي حصل في أم قصر وصمودها الرائع وبين الذي حصل سريعا في بغداد هي مقارنة غير وجيهة من الناحية العسكرية على الأقل كما أن إسراف العدو بتركيزه على قصف بغداد ومحيطها بشكل بربري متواصل لمئات الساعات أدى إلى تدمير وحدات بأكملها وتشتت أخرى مما جعلها هدفا سهلا لطائرات العدو وصواريخه خاصة وأنها كانت تفتقر إلى غطاء جوي وكذلك في حالة عودة هذه الوحدات وتخندقها ، فقد تم تدمير معظمها في مواضعها الدفاعية ، مما أدى إلى استنفاد البديل ، كما أن وضع أطراف بعض المحافظات ضمن فرقة عمليات بغداد كان خطأ أو على الأقل سوء تقدير مع بعض التقديرات الأخرى التي لا تتلاءم مع التغيرات الجوهرية التي حصلت في الميدان من خلال جهد العدو الكبير وتكتيكاته".


وأضاف " العدوان كان شرسا وواسعا وبذل العدو جهدا خاصة في الأيام الأخيرة بتكثيف القصف الجوي والصاروخي على بغداد ومحيطها، إذ كان الهدف الرئيس للعدو هو بغداد أولا ، أسباب تمكن الأمريكان من احتلال بغداد هو الحصار الذي دام أكثر من ثلاثة عشر عاما وما رافقه من استمرار الحرب بكل صفحاتها واعتماد الأمريكان سياسة الخداع والتضليل حول مزاعمهم مما دفع بعض الأصدقاء والأشقاء العرب لتصديق رواياتهم ، فضلا عن الفرق الهائل بين القوتين وخاصة القوة الجوية والصاروخية وعدم وجود أي غطاء جوي للجيش العراقي واستخدام القصف الجوي المكثف الذي لا مثيل له والذي كان مستمرا على مدار الساعة ، مما ساعد على شل قدرة قواتنا البطلة سواء أكانت الدروع أو المدفعية أو حتى المشاة".


واستطرد " يضاف إلى ذلك استخدام العدو لأسلحة محرمة دوليا بعضها استخدم لأول مرة وخاصة في مطار بغداد بعد المعركة الشهيرة التي خسر فيها العدو مئات القتلى وعشرات الدروع مما أفقده صوابه وقام بضرب قوات الحرب والقوات المتجحفلة معها بقنابل نووية تكتيكية ، إلى جانب استمرار القصف على بغداد بشكل وحشي وضرب السكان الآمنين واستخدام العدوان للطريق الصحراوي بمحاذاة المدن وتفوقه النوعي علينا بالسلاح المتطور ما أفقد قواتنا القدرة على الحركة نهارا لعدم وجود غطاء جوي وإسناد مدفعي لها ، العدو هاجمنا من جميع الجبهات واستخدم عملائه من المخربين وعملاء إيران في الهجوم علينا".


وبالنسبة لما يتردد عن وجود خيانات في صفوف القيادات العسكرية ، قال صدام : "سمعت أن هناك من يتحدث عن خيانات حدثت أثناء المعارك، فأقول لك يا ولدي إن جيشنا معروف ببسالته وبطولاته ، إن حصلت الخيانة فقد حصلت بشكل محدود وبمستويات واطئة ضعيفة التأثير ولم تؤثر على نتيجة المعركة إطلاقا ، بعض ضعيفي الأنفس والخونة تغلغلوا في الأجهزة الأمنية العراقية".


ورغم تراجع صدام في مذكراته عن تصريحاته في 2003 حول تحميل الخيانة المسئولية الكاملة عن لغز سقوط بغداد ، إلا أن هناك من يرجح أن السنوات المقبلة ستكشف مزيدا من الأسرار في هذا الصدد ، خاصة وأن الاعترافات والروايات السابقة لم تقدم إجابة حاسمة وقاطعة حول أسباب الاختفاء المفاجيء للجيش العراقي

الصباغ يعترف بأن سيد فايز هو صاحب قرار اغتيال النقراشي






وحتي نكون منصفين فإننا لن نعتمد علي صوت واحد من داخل النظام الخاص( الجناح العسكري للإخوان) في تأكيد قيام الإخوان بعملية الاغتيال, علي الرغم من إنكار البنا
وعدد من قادة الإخوان نسبة عملية الاغتيال للجماعة حتي الآن, فسوف نورد ما قاله أحد الأقطاب الكبار للنظام الخاص وبطل قضية السيارة الجيب المعروف, محمود الصباغ, الذي يروي تفاصيل عملية الاغتيال كاملة في كتابه الذي قدم له مصطفي مشهور عام1986 حقيقة التنظيم الخاص ودره في دعوة الأخوان المسلمين ـ الطبعة الأولي ـ دار الاعتصام ص312
قتل النقراشي باشا:
تحت هذا العنوان يقول الصباغ في ص450: لا يمكن أن نعتبر أن قتل النقراشي باشا من حوادث الاغتيالات السياسية فهو عمل فدائي صرف قام به أبطال الاخوان المسلمين( إذن لماذا أصر البنا ـ آنذاك ـ علي أن الإخوان بريئون من دم النقراشي براءة الذئب من دم بن يعقوب وما زال بعض قياداتهم يصر علي ذلك حتي الآن) لما ظهرت خيانة النقراشي باشا صارخة في فلسطين بأن أسهم في تسليمها لليهود ثم أعلن الحرب علي الطائفة المسلمة الوحيدة التي تنزل ضربات موجعة لليهود, كما شهد بذلك ضابط القوات المسلحة المصرية سابقا,, فحل جماعتهم واعتقل قادتهم وصادر ممتلكاتهم وحرم أن تقوم دعوة في مصر تدعو الي هذه المبادئ الفاضلة الي الأبد, فكانت خيانة صارخة لا تستتر وراء أي عذر أو مبرر, مما يوجب قتل هذا الخائن شرعا, ويكون قتله فرض عين علي كل مسلم ومسلمة( انظروا كيف يقرر الإخوان من هو الخائن ومن هو الوطني ثم يصدرون الحكم عليه ثم ينفذونه دون أدني محاكمة).
سرية الشهيد الظابط أحمد فؤاد لقتل النقراشي باشا:
وتحت هذا العنوان يورد الصباغ مانصه: كان الشهيد السيد فايز هو مسئول التنظيم الخاص عن مدينة القاهرة بعد اعتقال كل من يعلوه في القيادة سواء من رجال الدعوة العامة أو من رجال النظام الخاص, فقد اعتقل جميع اعضاء الهيئة التأسيسية وحيل بين المرشد العام وبين جميع الأخوان, فأصبح سيد فايز هو المسئول عن حماية الدعوة في هذه الظروف الشاذة وله حق الاجتهاد.
وقد نظر السيد فايز في قرار حل الاخوان المسلمين وفي الظروف التي تحيط بهذا القرار سواء في الميدان أو في داخل مصر, فشعر أنه محكوم بحكومة محاربة للإسلام والمسلمين وقرر الدخول معها في حرب عصابات فوق أرض مصر.
(الغريب أن سيد فايز هذا تم قتله فيما بعد بمعرفة نفس التنظيم الذي كان يقوده بواسطة علبة حلوي مفخخة وهكذا أذاقه الله طعم ما ذوقه للآخرين وصدق الله العظيم يمهل ولايهمل)
ونكمل مع الصباغ حيث يورد: لم يكن للسيد فايز من بد في أن يتحمل هذه المسئولية, فكل اخوان الدعوة العامة معتقلون والمرشد العام محجوب عن اللقاء بالاخوان بوضعه تحت العدسة المكبرة لرجال الأمن طوال ساعات النهار والليل فليس هناك مجال للاتصال به أو أخذ التعليمات منه, وبدأ السيد فايز معاركه برأس الخيانة ـ محمود فهمي النقراشي.
كون سرية من محمد مالك وشفيق أنس وعاطف عطية حلمي والضابط أحمد فؤاد وعبد المجيد أحمد حسن ومحمود كامل, لقتل النقراشي باشا غيلة وليتحطم رأس الاستبداد وقد أسند قيادة هذه السرية الي الشهيد الضابط أحمد فؤاد.
وقد رسموا الخطة علي النحو الذي ظهر في تحقيقات هذه القضية ونجح عبدالمجيد أحمد حسن في قتل النقراشي باشا, في مركز سلطانه وسط ضباطه وجنوده وهو يدخل مصعد وزارة الداخلية.
البنا وعملية قتل النقراشي:
أشارت أغلب كتابات قادة الإخوان في موضوع مقتل النقراشي باشا علي يدالاخوان من طرف خفي الي عدم علم البنا بقرار اغتيال النقراشي, مع الأخذ في الاعتبار أن سيد فايز المخطط الرئيسي للحادث هو التلميذ النجيب للبنا, الذي أتي به للقضاء, علي ما أسماه( البنا) فوضي النظام الخاص في عهد عبدالرحمن السندي, وعلي الرغم من أن مجمل كتابات الاخوان أنفسهم قد أكدت علي ان سيد فايز لم يكن به ـ أبدا ـ أن يتخذ قرارا دون علم البنا, فما بالك والقرار هو اغتيال رئيس وزراء مصر. نقول علي الرغم من كل ذلك فإنه مازال من قادة الإخوان من يذهب الي عدم علم البنا بقرار الجماعة قتل النقراشي باشا, وهنا يجب الإشارة الي وثيقتين أساسيتين, ربما يلقوا نظرة مختلفة لما إذا كان البنا هو الذي أتخذ القرار أم غيره.
الأولي, هي نص خطاب البنا الي الملك الذي راح يحرض فيه السراي علي النقراشي باشا في السادس من ديسمبر عام1948, والذي حوله الملك الي إبراهيم عبدالهادي باشا رئيس الديوان, الذي حوله بدوره الي النقراشي باشا. ونصه:
الخطاب الذي رفعه حسن البنا الي الملك يستعديه علي النقراشي
ديوان جلالة الملك ـ سري رقم1666
حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول ملك وادي النيل حفظه الله, أحمد اليكم الله الذي لا إله إلا هو وأصلي وأسلم علي سيدنا محمد خاتم النبيين وأمام المتقين وأحيي سيادة جلالتكم المجيدة بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته متبوعة بأصدق آيات الاخلاص وأخلص معاني الولاء.
ياصاحب الجلالة لقد حرمنا جهادنا في فلسطين أو كدنا لا لضعف في جيشنا أو تخاذل في شعبنا أو نقص في عددنا أو جهل بواجبنا ولكن لتحكم السياسة المترددة في الحرب الصارمة وتدخل رئيس الحكومة( في إشارة الي النقراشي باشا) في شئون القتال وتردده في مواجهة المواقف بما تقتضيه الي جانب العوامل الأخري التي لايد لنا فيها ولكن كان في وسع الحازم اللبق والقوي الفن أن ينتفع بها ويستفيد منها.
ولقد انفرد الحاكم العام بالعمل في السودان ينفذ فيه سياسة بريطانيا المرسومة وخططها الانفصالية المعلومة وأخذ يوجه الي مصر اللطمة بعد اللطمة وينفذ من برنامجه الخطوة تلو الخطوة والحكومة المصرية تمد له في ذلك وتشجعه علي المضي فيه بسياستها السلبية وهو ممعن في عدوانه حتي بلغ به الأمر أخيرا الي أن يمنع بعثة المحامين من أداء واجبها ويعلن علي لسان رجاله أن مصر شيء والسودان شيء آخر وكل هذا يحدث والحكومة المصرية لم تفعل شيئا بعد.
والعالم كله الآن يا صاحب الجلالة تغلي مراجله بالأحداث الجسام والخطوب العظام ويبدو في آفاقه كل يوم شأن جديد لا يقوي أبدا دولة النقراشي باشا علي أن يضطلع بأعباء التصرف فيه بما يحفظ كرامة مصر ويصون حقوق الوادي المجيد العظيم, والنزاهة وطهارة اليد( اعترف جلي من البنا بنزاهة وطهارة يد النقراشي باشا تلك التي لم تشفع له عند الجماعة بحال) لا تكفي وحدها لمواجهة هذه الغمرات المتلاحقة من أحداث الزمن ومضلات الفتن.
وفي وسط هذه اللجنة من الحوادث الجسيمة التي تتصل بحاضر الوطن ومستقبله وكيانه في الصميم يعلن دولة النقراشي باشا الحرب السافرة الجائرة علي الاخوان المسلمين. فيحل بالأمر العسكري بعض شعبهم. ويعتقل بهذه السلطة نفسها بدون اتهام أو تحقيق سكرتيرهم العام وبعض أعضاء هيئتهم ويأمر الوزارات والمصالح المختلفة بتشريد الموظفين الذين يتصلون بالهيئة ولو بالاشتراك في أقسام البر والخدمة الاجتماعية تليفونيا أو تلغرافيا الي الأماكن النائية والمهاوي السحيقة وما عليهم أن ينقلوا فذلك شأن الموظف المفروض فيه ولكن صدور هذه التنقلات في هذه الصور القاسية التي تحمل معني الانتقام والاتهام تجرح الصدور وتثير النفوس وتسيء اليهم في نظر رؤسائهم ومرءوسيهم علي السواء.
ويصدر الرقيب العام أمره بتعطيل جريدتهم اليومية الي أجل غير مسمي بحجة لا قيمة لها ولا دليل عليها بل أنه لو صحت الأوضاع لكان للجريدة أن تؤاخذ الرقباء أشد المؤاخذة بمواقفهم منها وتعنتهم معها وعدم اصغائهم الي شكاياتها المتلاحقة.
ويتردد علي الأفواه والشفاه قرار حل الهيئة ووعيد الحكومة لكل من اتصل بها بالويل والثبور وعظائم الأمور.
وأخيرا يحاول دولة رئيس الحكومة أن يلصق بالاخوان تهمة الحوادث الأخيرة التي لم تكن الا صدي لهذا العدوان من الحاكم في السودان ولجهاد اخواننا السودانيين في جنوب الوادي ويلقي عليهم تبعة هذا الحادث الأسيف حادث مصرع حكمدار العاصمة الذي كان المركز العام للإخوان المسلمين أول من أسف له وتألم منه اذا كان رحمه الله معروفا بعطفه علي حركتهم ودفاعه عن هيئتهم ومواقفه الطيبة في ساعات المحن الي جانبهم مع حكمة في العمل واحسان في التصرف( لاحظ كلام البنا عن الرجل وما اعترف به الصباغ آنفا من مسئولية للإخوان عن الحادث وحسبنا الله ونعم
الوكيل).
ويحاول دولته أن يتذرع لهذه الحرب الشعواء بتحقيقات لم ينته أمرها بعد ولم يعرف فيها المتهم من البريء الي الآن وإن كانت وزارة الداخلية في بلاغاتها الرسمية قد خالفت أمر النيابة وسبقت كلمة القضاء وأعلنت علي رءوس الأشهاد اتهام الأبرياء.
يا صاحب الجلالة
اسمح لي أن أجرؤ في هذا المقام الكريم فأقول أن هذه المجموعة من الاخوان المسلمين في وادي النيل هي أطهر مجموعة علي ظهر الأرض( لاحظ الوصف) نقاء سريرة وحسن سيرة واخلاصا لله وللوطن وللجالس علي العرش( لاحظ التملق) في كل كفاحهم في سبيل دعوة لا تخرج أبدا عما رسم الاسلام الحنيف قيد شعره وأنهم بحكم إيمانهم ومنهاجهم ونظامهم وانتشار دعوتهم بكل مكان في الداخل والخارج أفضل قوة يعتمد عليها من يريد بهذا الوطن الخير ويتمني له التقدم والنهوض وأكتب ورقة في يد كل عامل لخير البلاد والعباد وأن تحطيم دعوتهم والقضاء عليهم وهو ما تستطيعه الحكومة إذا أرادته وصممت عليه ولو في ظاهر الأمر الي حين بما في يدها من سلطات عسكرية وما تملكه من قوة رسمية ليس من المصلحة في شئ بل هو قضاء علي نهضة هذا الوطن الحقيقية وقتل للبقية الباقية من روح الإخلاص والجد والاستقامة والطهر فيه علي أن نتائج هذا الموقف في مثل هذه الظروف غير مضمونة ولا معروفة ولا أدري لحساب من يقوم دولة رئيس الحكومة بهذه المهمة ويحمل هذه التبعة الضخمة أمام الله وأمام الناس وفي التاريخ الذي لاينسي ولا يرحم.
يا صاحب الجلالة
أن الأخوان المسلمين باسم شعب وادي النيل كله يلوذون بعرشكم( لاحظ اللغة) وهو خير ملاذ ويعوذون بعطفكم وهو أفضل معاذ ملتمسين أن تتفضلوا جلالتكم بتوجيه الحكومة الي نهج الصواب أو بإعفائها من أعباء الحكم ليقوم بها من هو أقدر علي حملها ولجلالتكم الرأي الأعلي والله أسأل أن يتم عليكم نعمة التأييد والتوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
المخلص/ حسن البنا
المرشد العام للإخوان المسلمين
ولن نعلق كثيرا علي هذه الوثيقة التي أوردتها كاملة الأستاذة الدكتورة هدي شامل أباظة, في كتابه الرائع حول النقراشي باشا ـ الطبعة الأولي ـ دار الشروق. فالوثيقة
تشرح نفسها ينفسها وتدل علي مدي حمق البنا علي النقراشي وسعيه الي تنحيته عن الحكم بأي وسيلة.
مذكرة عبد الرحمن بك عمار:
ونأتي للوثيقة الثانية وننقلها من نفس كتاب الدكتورة هدي شامل أباظة( علي الرغم من امتلاكنا لصورة من الوثيقتين) وهي مذكرة عبد الرحمن بك عمار وكيل وزارة الداخلية الي النقراشي باشا, والتي تتضمن تقريرا عن لقائه بحسن البنا في الثامن من ديسمبر1948 أي عقب رسالته للملك بيومين( واقرأ بها العجب العجاب لتري مدي دهاء الرجل وخداعه البعيدين أبدا عن أخلاق الإسلام).
حضر الليلة الشيخ حسن البنا الي ديوان وزارة الداخلية وطلب مقابلتنا بحجة الافضاء الينا بأمور هامة يرغب في ابلاغها فورا الي حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء, فلما قابلناه حدثنا بأنه قد علم أن الحكومة أصدرت قرارا بحل جماعة الأخوان المسلمين أو هي في سبيل اصدار هذا القرار وأنه يريد أن ينهي الي دولة رئيس الوزراء بأنه قد عول نهائيا علي ترك الاشتغال بالشئون السياسية وقصر نشاط الجماعة علي الشئون الدينية كما كان الحال في بداية قيام جماعة الإخوان المسلمين وأنه يود من كل قلبه التعاون مع دولة الرئيس تعاونا وثيقا مؤيدا للحكومة في كل الأمور وأنه كفيل بتوجيه رجاله في كافة الجهات بالسير علي مقتضي هذا الاتجاه, كما أعرب عن أسفه لما وقع من جرائم ارتكبها اشخاص يري أنهم اندسوا علي الإخوان المسلمين, وراح يترحم علي سليم زكي باشا قائلا أنه كان صديقا حميما له وكان بينهما تعاون وثيق وتفاهم تام ـ ثم أكمل مادحا دولة النقراشي باشا قائلا أنه علي يقين من نزاهته وحرصه علي خدمة وطنه وعدالته في كل الأمور. وأنه لو تمكن من مقابلة دولته بعد أن مضت سنتان لم يلتقيا فيها بسبب جفوة أثارها الوشاة( هو لم يعتبر نفسه من الوشاه حيث لم تكن رسالته للملك قد جف حبرها بعد) لأقنع دولته بأنه من صالح الحكومة والأمة معا أن يبقي الصرح الضخم الذي جاهد الاخوان المسملون سنوات طويلة في اقامته كما قال أنه يعز عليه بل ويزعجه ويؤلمه أن ينهار هذا الصرح علي يد دولة النقراشي باشا الحريص علي خدمة بلاده.
ثم قال إنه اذا قدر أن تمضي الحكومة قي ما اعتزمته من حل الجماعة فأنه يؤكد أنه ورجاله سوف لا تبدر منهم مبادرة تعكر صفو الأمن اذا لا يقدم علي مثل هذا العمل الا مجنون كما أكد أن الحكومة لو تعاونت معه لضمن للبلاد أمنا شاملا( أنظر كيف يقدم البنا خدماته لوزير الداخلية النقراشي باشا).
وختم حديثه بقوله أنه علي استعداد للعودة بجماعة الاخوان المسلمين الي قواعدها بعيدا عن السياسة والاحزاب متوفرا علي خدمة الدين ونشر تعاليمه بل أنه يتمني
لو استطاع أن يعتكف في بيته ويقرأ ويؤلف مؤثرا حياة العزة ثم جعل يبكي بكاء شديدا ويقول أنه سيعود الي مقره في انتظار تعليمات دولة رئيس الوزراء داعيا له بالخير والتوفيق.
وكيل الداخلية
8 ديسمبر سنة1948

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

خدعة ال70 مليار


التلفزيون السـويسـرى ينفى تهمه غسيل الاموال عن ابناء مبارك




" نقلا عن التلفزيون السـويسـرى " وعن قناة h1tv القناة المحليـة السويســرية مــن hittnauer 
نفت القناة السويســرية المحليـة الان كل ابناء تردد عن علاء مبـارك وعن اموالـه الموجـودة فى سويســرا موكدين لا يمكن لاى شخــص غسيــل اموال داخل الاراضـى السويســرية حتى لو كان يتمتـع باى حصانة موكدا التلفــزيون السويسرى الرسمـى نقلا عن التلفزيــون المحلى نفى جميع ما قاله التلفزيون المصرى ونفى التلفزيون السويسـرى نقلا عن متحدث باسم الخارجيـة الســويسـرى موكدا انه لا وجود لاموال مصريــة تخص الرئيس مبارك داخل سويســرا وان سويسـرا توكد ان الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك لا يملك اى اموال داخل الاراضى السويسرى كل هذه الانباء غير صحيحة موكدا ان حكومة السويسريـة اجراءت تحقيقات من قبل ولكن حتى هذه اللحظات لم يصـل الى حكومة رسميــة اى قرار رسمـى بهذا الشان او وجود هيئة من مصر تبحث عن اموال واوصول داخل الاراضى السويسـرية لان لا يمكن ان يدخل اى شخص يبحث عن اى اموال داخل الاراضى السويسرية او يكشف عن غسيل اموال دون التعاون مع حكومة السويسـرية وتقول ان فقط السيد جمال مبارك كان يملك منذ عشر سنوان او اكثر شركة للبورصة وكان مقرها بين لندن وسـويســرا ولكن تم اغلاق هذه الشركة منذ عدة سنــوات هذا ما تناقله القناة السويسرية الرسميـة

فريد الديب يرد على «الكسب»: معلومات «الجوهرى» حول ثروة «علاء وجمال» ليست جديدة.. وسنقاضيه 

    يسرى البدرى    ١٩/ ١٠/ ٢٠١١
علاء مبارك
أكد فريد الديب، محامى أسرة الرئيس السابق حسنى مبارك، أن المعلومات التى وردت فى البيان الذى أصدره المستشار عاصم الجوهرى، مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، رئيس اللجنة القضائية المشكلة لاسترداد أموال مصر المنهوبة من الخارج، أمس الأول، حول ودائع علاء وجمال مبارك فى سويسرا، وردت بالتفصيل فى أقوال موكليه التى أدليا بها فى التحقيقات التى أجريت معهما فى ٣٠ مايو الماضى بجهاز الكسب غير المشروع، معلناً عن عزمه تقديم بلاغ ضد «الجوهرى» إلى الجهات المختصة، بسبب إفشائه أسرار الجهاز، وتأثيره على الرأى العام.
كان الجوهرى قد أصدر بياناً قال فيه إن علاء وجمال لديهما ودائع فى بنوك سويسرا تقدر بنحو ٣٤٠ مليون دولار - حوالى ٢ مليار جنيه - وأن رجل الأعمال الهارب حسين سالم، ونجليه خالد وماجدة، يمتلكون ثروة طائلة بعدة دول بالخارج تجاوزت ٢٤ مليار جنيه، وأن السلطات السويسرية تجرى حالياً تحقيقات قضائية حول اتهام علاء مبارك، وزهير جرانة، وزير السياحة الأسبق، ورجل الأعمال ياسين منصور، بارتكاب جرائم غسل الأموال.
وقال «الديب»، فى البيان الذى أصدره أمس، للرد على بيان الجوهرى، إن موكليه حددا البنوك السويسرية المودعة فيها تلك الأموال، ومصادرها المشروعة، وتواريخ حصولهما عليها، مؤكداً أنها مصادر لا علاقة لها بمصر، وليست لها فى مصر أى أعمال أو مصالح، وأنها كانت تصب فى حساب مشترك لهما تم فصله عام ٢٠٠٨، واختص كل منهما بما اختص به، ولم يتم تحويل أى مبالغ لهما من مصر على الإطلاق.
وأضاف «الديب» فى البيان الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه: «بتاريخ الإثنين ٦ يونيو الماضى قدم محامى علاء وجمال مبارك، إلى المستشار عاصم الجوهرى، ٣ حوافظ تحوى المستندات التى تثبت صحة ما قرراه فى التحقيق، وكل ذلك يقطع بأن مصدر معلومات القاضى عاصم الجوهرى هو التحقيقات التى أجرتها إدارة الكسب غير المشروع التى يرأسها سيادته، ولم تكن معلومات توصلت إليها لجنة استرداد الأموال من خلال الخطط التكتيكية التى أفاض سيادته فى الحديث عنها».
وأكد الديب، فى البيان، أن علاء مبارك غير خاضع - سواء بصفة أصلية أو تبعية - لقانون الكسب غير المشروع، ومع ذلك تعاون مع جهاز الكسب غير المشروع، وأفضى بجميع المعلومات الصحيحة طواعية فى التحقيق، ولم يخف شيئا قط، أما جمال مبارك فقد خضع للقانون المذكور اعتبارا من عام ٢٠٠٣، وهو تاريخ بدء شغله منصباً فى الحزب الوطنى، طبقا لقانون الأحزاب السياسية، وسجل فى إقرارى الذمة المالية، اللذين قدمهما عامى ٢٠٠٣ و٢٠٠٨ على التوالى، جميع المعلومات المتعلقة بأمواله، خاصة الحساب المشترك مع شقيقه علاء فى البنوك السويسرية، ثم عاود التأكيد على تلك المعلومات فى إقرار نهاية الخدمة المقدم سنة ٢٠١١، وكل ذلك يقطع بأن المعلومات التى أعلنها السيد القاضى عاصم الجوهرى لم تكن خافية على سيادته، ولم تكن مستجدة بالنسبة لسيادته».
وتعليقاً على ما ذكره بيان الجهاز حول تورط علاء مبارك فى عمليات غسل أموال فى سويسرا، قال الديب: «لقد تعمد المستشار الجوهرى إلقاء القول على عواهنه دون أى تفصيلات، متعمدا - فى الوقت نفسه - عدم الإشارة إلى ما يعلمه سيادته من أن السلطات القضائية السويسرية سبق أن حققت فى هذه الشبهة عام ٢٠٠٥، وانتهت عام ٢٠٠٦ إلى حفظ التحقيق، لثبوت مشروعية مصادر حصول علاء وجمال على أموالهما هناك».
وتابع البيان: «ولما كان مصدر معلومات القاضى عاصم الجوهرى هو تحقيقات إدارة الكسب غير المشروع، كما سلف البيان، وكانت المادة ١٧ من قانون الكسب غير المشروع تنص على أن تعتبر الإقرارات المنصوص عليها فى هذا القانون والشكاوى التى تقدم عن كسب غير مشروع وما يجرى فى شأنها من فحص وتحقيق من الأسرار، ويجب على كل من له شأن فى تنفيذ هذا القانون عدم إفشائها، وكان السيد القاضى عاصم الجوهرى - بما أذاعه حول أرصدة علاء وجمال مبارك فى البنوك السويسرية - قد أفشى تلك الأسرار، فإن ما قام به سيادته، يخضع لنص المادة ٣١٠ من قانون العقوبات، فضلاً عن خضوعه لنص المادة ١٨٧ من نفس هذا القانون لما فيه من تأثير على الرأى العام ضد متهمين فى تحقيقات جارية، وهو ما سنقدم عنه بلاغا إلى جهات الاختصاص».



[ نص الجلسة السرية التى تقرر فيها دخول الجيش المصرى حرب فلسطين ]









وسط اشتعال جدل واسع حول الدور المصرى التاريخى فى القضية الفلسطينية، حصلت «روزاليوسف» على واحدة من الوثائق التاريخية التى تسجل التضحيات الواقعية المصرية بعيدا عن الشعارات الرنانة والكلمات التى لا صدى لها، وكل هذا قبل أن تتبلور دول تعترض على طبيعة الدور المصرى الآن، وتنبع أهمية «وثيقة الحرب» من أنها تجسد نوعا من أنواع المعاناة الجغرافية والتاريخية والاستراتيجية المصرية لصالح إنقاذ فلسطين! وإليكم النص الكامل:


الجلسة السرية لمجلس الشيوخ المعقودة فى 11 مايو 1948 عن مسألة فلسطين
الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: حضرات الشيوخ المحترمين.. طلب إلى حضرة الزميل المحترم دولة صدقى باشا أن يبدأ بإلقاء كلمة فى موضوع فلسطين، ولما كان للحكومة أن تتكلم كلما طلبت ذلك فقد سألت دولة رئيس مجلس الوزراء فرأى أن يبدأ هو بالكلام، فإذا كان لدولة صدقى باشا بعد ذلك ما يريد الاستفسار عنه فلا مانع بعد انتهاء دولة رئيس مجلس الوزراء من إلقاء كلمته، لذلك فليتفضل دولة رئيس مجلس الوزراء لإلقاء كلمته. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء.. حضرات الشيوخ المحترمين.. تعلمون حضراتكم أن موضوع قضية فلسطين تهتم به كل الدول العربية كل الاهتمام، فإنه لم يكن يعتمد اجتماع لمجلس جامعة الدول العربية إلا ويتناول قضية فلسطين بالدراسة ويتتبع تطورات حالتها، والإجراءات التى يجب على الدول العربية أن تتخذها لصيانة فلسطين عربية موحدة. ففى أكتوبر الماضى طلبت الدول العربية عقد اجتماع لرؤساء حكوماتها فى لبنان، وقد كنت يومئذ عائداً منذ قليل من أمريكا، إلا أننى نظراً لأهمية الاجتماع تحتم على أن أسافر إلى لبنان للاشتراك مع حضرات رؤساء حكومات الدول العربية الأخرى للنظر فيما يجب علينا عمله لقضية فلسطين، وفى ذلك الوقت كان اجتماع لندن قد انتهى على غير نتيجة، والجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة على وشك الاجتماع لدراسة مسألة فلسطين، وبريطانيا قد اعتزمت إنهاء الانتداب، وكان يشغل بالنا جميعاً وبال مئات الآلاف من العرب المقيمين فى المنطقة التى يقطنها اليهود وعددهم نحو 000,4000 عربى.. أقول كانت تساورنا الخشية على حياتهم وأرواحهم وأرواح ذويهم، فطرح للبحث موضوع اشتراك الدول العربية بقواتها، وعرضت كل دولة ما يمكنها أن تقوم به، ولكننى تحفظت وقلت إن مصر فى نزاعها مع بريطانيا العظمى، وجنود بريطانيا مازالت مقيمة فى أراضينا، فلا يمكنها أن ترتبط فى أى اشتباك عسكرى مادامت الحال كذلك.. وكانت جميع الدول العربية أيضاً متفقة على أنه لا يجوز أن تتدخل جيوش الدول العربية مادامت بريطانيا محتفظة بانتدابها ومتحملة مسئولية الأمن فيها، ولكن كان هناك جيش حكومة شرق الأردن، وهذا الجيش كان يستخدمه الإنجليز للمشاركة فى حفظ الأمن، وهو جيش على استعداد وافر وتسلحه طيب وخبرته طيبة.. وشجاعته معروفة، وذلك لأن الصهيونيين ما كانوا يقبلون أن يشتركوا معها مطلقاً. ولقد اتفقنا على ضرورة مساعدة الفلسطينيين حتى تتيسر لهم مقاومة الضغط الصهيونى المتوقع.. وتعلمون حضراتكم أن نصيب مصر من أموال الجامعة العربية يقدر بـ 42%، وقد قررتم حضراتكم أعتماداً بمبلغ 000,420 ج فى ميزانية وزارة الخارجية لهذا الغرض، لقد رأينا فيما بيننا ما يمكن أن يقوم به كل عضو من أعضاء الجامعة العربية. ويسركم أن تعلموا أن مصر قد قامت بواجبها الكامل فى هذه الناحية، وقد اعترف المجاهدون الفلسطينيون بأنهم انتفعوا كل الانتفاع بالتسهيلات وبالموارد التى تلقوها من البلاد المصرية، وأن المقاومة التى بذلت إلى الآن يرجع جزء كبير منها إلى ما حصل عليه الفلسطينيون من المصريين، ولقد اجتمع مجلس الجامعة العربية فى مصر بعد ذلك، وتقررت إمدادات أخرى بعثت بها الدول العربية، كما تقرر تقديم مليون جنيه أخرى، هذه المبالغ استعملت لمساعدة المتطوعين الفلسطينيين على تدريبهم وتسليحهم وتمكينهم من القيام بالدفاع عن بلادهم، وإنقاذ فلسطين من الضغط الصهيونى.
ففيما يتعلق بحكومة شرق الأردن فإنه فى الاجتماع الأول الذى عقد فى «عالية» بجبل لبنان اتفقت جميع الدول العربية على أن المعونة المالية الواجبة لحكومة شرق الأردن لتمكينها من استمرار جيوشها فى القيام بواجبها يجب أن تقوم بها البلاد العربية فى حالة منع الحكومة البريطانية لهذه المعونة، وتعلمون حضراتكم أن حكومة شرق الأردن مواردها المالية محدودة، والاتفاق بينها وبين الحكومة البريطانية تقوم بنفقات الجيوش.. وتقدر هذه النفقات بنحو ثلاثة أو ثلاثة ونصف مليون جنيه، فالحكومات العربية فى اجتماع لبنان اتفقت على أنه فى حالة منع الحكومة البريطانية لهذه الإعانة تقوم الدول العربية بدفع هذا المبلغ لحكومة شرق الأردن حتى يتمكن جيشها من الاستمرار فى أداء واجبه. حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: وهل يكون هذا بنفس النسبة؟ حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: نعم بنفس النسبة، وفى هذا الوقت كان جزء من الجيش فى حيفا، وتطورت الأحوال فى فلسطين وسيطر على أرض السلام الحديد والنار، لكن المجاهدين العرب صدوا هذا الضغط، وتبين للعالم أن العرب حينما قالوا أنهم لا يرضون بالتقسيم ولا يسمحون به كانوا جادين وقادرين على البذل فى سبيل مقاومة هذا التقسيم، وكان العرب فى ذلك الوقت وبعد الوسائل التى تذرع بها الصهيونيون يقومون بنسف المبانى وقد أوقعوا بها خسائر كبيرة.
لقد كان موقف الفلسطينيين رائعاً فى الذود عن بلادهم ولفت أنظار العالم - وأمريكا بوجه خاص - فشرعت حكومة الولايات المتحدة تخفف من تأييدها للتقسيم، كما صار رجال أمريكا يتنقلون فى البلاد العربية وينقلون لحكوماتها بصفة رسمية أو غير رسمية اعتزام أمريكا على التخفيف من موقفها فى تأييد التقسيم، ولقد حضر إلى شخص أمريكى له شأنه، وكان مكلفاً بمهمة إلى جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود، وقال أنه مخول له أن يبلغنى بصفة سرية التحول الجديد فى سياسة الحكومة الأمريكية إزاء قضية فلسطين، وبعد ذلك سافر الأمريكى إلى بغداد مارا بمصر وقابلنى ونقل إلى هذا المعنى، وفى هذه الأثناء تذكرون حضراتكم أن مندوب الولايات المتحدة فى مجلس الأمن أعلن عدم تمسك حكومته بالتقسيم، أو هذا المعنى ولكن فى عبارات سياسية، وأنهم يفكرون فى حل آخر، وبعد ذلك تقدمت أمريكا بمشروع الوصاية فبحثته اللجنة السياسية للدول العربية، وقدمت مقترحاتها فيما يتعلق بهذا المشروع، وأن مشروع الوصاية بشكله الذى عرض كان خطوة لا تقل عن خطر التقسيم.


ولقد بدأت العصابات الصهيونية تشدد حملاتها على المجاهدين العرب، واقترن هذا التشدد بالبحث فى موضوع هدنة تمتد بين الفريقين لإيقاف القتال، ونرى أن هذا الاقتراب ليس مصادفة بل إنهم كانوا يريدون التأثير فى شروط الهدنة بالفعل. تذكرون حضراتكم أنه فى يوم من الأيام جاءت الأخبار بأنهم حاصروا العرب الذين غزوا مستعمراتهم، وقد جاء أمين الجامعة العربية تلغراف من جلالة الملك عبدالله عن طريق وزير خارجيته الذى كان موجودا فى مصر بأن المتطوعين العرب قد حوصروا فى متمار، وأنه جاء لطلب النجدة لهؤلاء المحصورين، وفى اليوم التالى أرسلت اللجنة السياسية، وكانت قد اجتمعت وكنت حاضراً معهم، إلى ملك شرق الأردن برقية تطلب إليه أن يتقدم لإنقاذ هؤلاء العرب الذين حاصرهم الصهيونيون، ولكن العرب فى هذه الأثناء تمكنوا من إنزال ضربات قوية بالصهيونيين ونجوا 135 من الأسر، وكان موقفهم جليلاً ورائعاً، ومع ذلك الوقت جعل الصهيونيون ضغطهم يزداد على المجاهدين العرب، ولكن الحكومة البريطانية كانت تبلغ الدول العربية أنها مسئولة حتى 15 مايو عن حفظ الأمن فى البلاد، ولا تسمح للقوات الأجنبية أن تتدخل، فاستمر العبء على المتطوعين من مختلف البلاد العربية، وتعلمون حضراتكم أن القوات الصهيونية عصابات منظمة وبها أسلحة وفيرة، وفوق ذلك فإن عدداً كبيراً منها كان منتظما فى سلك الجيوش النظامية، فلهم خبرة من الحرب العالمية الثانية، لقد اشتد الضغط على هؤلاء المجاهدين الذين يذودون عن ديارهم فى ظروف شديدة، والبلاد العربية لا تريد أن تشتبك جيوشها مع جيوش الحكومة المنتدبة، وهى الحكومة البريطانية، ولقد قدمت كل منها ما يخصها أن تقدمه، ويجب علىّ أن أخص بالذكر سوريا لأنها من أول الأمر جعلت جميع مواردها وقفا على الذود عن فلسطين، استمرت الحالة تشتد والرأى العام فى كل بلد عربى يزداد قلقا على مصير إخوانه الباقين فى فلسطين، ولقد سافر سمو الوصى على عرش العراق إلى عمان، واجتمع بجلالة الملك عبدالله ثم حضر إلينا فى مصر وتحدث مع المسئولين فى أمر ما يجب أن يعمل لإنقاذ فلسطين، وبطبيعة الحال كان جوابنا أن مصر لا تتأخر عن القيام بواجبها، وهى لن تكون وراء الدول العربية أبدا، هى ستكون معهم فى صف واحد، ولقد لفت النظر جلالة الملك عبدالله إلى أن ميزانية جيش شرق الأردن قاصرة عليه فى زمن السلم، وأنه عندما تدخل الجيوش فى الميدان لابد أن يقتضى ذلك نفقات إضافية قدرت لأول وهلة بمبلغ مليون ونصف من الجنيهات، ورأت الجامعة أن تكتب فيه فوافقتم حضراتكم على ما خص مصر منه وهو مبلغ 000,630 جنيه. وتتقدم الحكومة الأمريكية الآن، واللجنة الثلاثية، ومجلس الأمن، بمشروع الهدنة، والحديث يجرى عليه بالأخذ والعطاء، لأن العرب يخشون أن تكون هذه الهدنة وسيلة لتزويد الصهيونيين بقوات إضافية جديدة، والواقع أن مجلس الأمن حائر، وكذلك هيئة الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية، ولقد جاءنى السفير الأمريكى برسالة شفوية قال فيها إن الموقف فى فلسطين يتطور من سيئ إلى أسوأ، وأن الحالة كادت تكون حربا تنقلنا إلى حروب أخرى، وأنك كرئيس الحكومة المصرية تعرف أن أمريكا تعطف على مصر، ومستعدة أن تمدها بكل معونة، ولكن إذا استمرت على ما هى عليه الآن فإننا لا يمكننا أن نقدم لحكومة مصر أى معونة، ويجب إما أن تتم الموافقة على مشروع الوصاية أو يقدم مشروع آخر يحل محله، فأجبته بأننى أتفق معه على أن الموقف يتحول من سيئ إلى أسوأ، ولكن هذا لم يكن من صنع مصر بل إن مصر حذرت من هذا، ونبهت إلى العواقب الوخيمة، أما إذا كنتم تريدون إفساح الطريق «للهاجانا» فهذا شىء آخر، أما نحن فلا نستطيع أن نقف مكتوفى الأيدى ونرى العرب يذبحون بواسطة الصهيونيين، ولا يمكن للدول العربية أن تقف مكتوفة الأيدى إزاء الذى يقع فى دير ياسين وحيفا، أما مسألة مشروع الوصاية فتبحث، وأراد أن ينفى تهمة التهديد فقال: لا تأخذ كلامى على أنه تهديد، فإنه ليس كذلك تماماً، وبطبيعة الحال يجب على مادمنا فى جلسة سرية أن أطلع حضراتكم على آخر التطورات.. إن الحكومة البريطانية بقيت لآخر لحظة تقول أنها تقف حائلاً دون دخول الجيوش العربية فلسطين، لأنها مسئولة عنها لغاية 15 مايو، وحدث أنه عندما أغار اليهود أو الصهيونيون، وأننى مضطر لاستعمال كلمة صهيونيين لأن اليهود يقولون أن الصهيونية غير اليهودية.


الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: اليهودية دين. حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد باشا سراج الدين: الصهيونية مذهب سياسى.. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس الوزراء: لما أغار الصهيونيون على طبرية وأخرج العرب من ديارهم لجأوا إلى شرق الأردن، ولقد استغربت البلاد العربية من أن جيش شرق الأردن لم يتقدم، ولكن علمنا أن جلالة الملك عبدالله أرسل جيشه ولكن وجد الإنجليز هناك، كما علمنا أخيراً أن جلالته أرسل قوات إلى القدس ولكن الإنجليز ردتها عنها، أى أن إنجلترا متمسكة بموقفها، وأنها المسئولة من الآن لغاية 15 مايو. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ مصطفى نصرت: ولماذا لم تتمسك بذلك فى حيفا؟ الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: متمسكة أى أنها لا تريد أن يتدخل أحد للمحافظة على الأمن. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: من أغرب الأدلة بعد ذلك على هذا الموقف أن معالى وزير الدفاع المصرى وصلته أول أمس رسالة من الملحق العسكرى بالسفارة البريطانية يقول فيها مامعناه أن الحكومة البريطانية مازالت متمسكة بألا تدخل فلسطين أى جيوش، وأنها لديها العدة والطائرات الكافية لمنع هذا التدخل، فأرسل وزير الدفاع المصرى هذه الرسالة مع مدير المخابرات إلى الملحق العسكرى، وقال أنه لا شأن لك فى أن تخاطب وزير الدفاع فى ذلك، وإذا كان لديك شىء من هذا فيجب أن تتقدم به إلى وزارة الخارجية، ولقد قابلنى السفير البريطانى أول أمس وقدم إلى خطابا أو مذكرة شخصية من مستر «بينين»، ومعها مشروع الهدنة، ويقول إنه مشروع عادل ومقبول ومعقول، فإذا كانت الهيئة العربية العليا تقبل هذا المشروع فإنها تقف موقفاً سياسياً مانعاً، أما إذا كان أثناء بحث مشروع الهدنة تدخل الجيوش العربية فى فلسطين فإن هذا يعطى للصهيونية فرصة للدعاية فى العالم بأن العرب هم المعتدون، وبطبيعة الحال فإنهم أبلغوا هذه الرسالة إلى جميع الدول العربية، وأن الدول العربية تبحث هذا الموضوع وستجتمع اللجنة السياسية غداً فى دمشق وسيسافر مندوب مصر للاشتراك فى بحث هذا الموضوع. ؟ استعداد الجيش حضرة صاحب السعادة محمد فؤاد سراج الدين باشا: هل هى هدنة دائمة؟ حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: هدنة لمدة ثلاثة أشهر. ياحضرات الشيوخ المحترمون.. إن يوم 15 مايو على الأبواب.. وبريطانيا العظمى ستتخلى عن الانتداب وتبعاته وجميع سكان فلسطين من العرب تحت رحمة هذه الشهور الثلاثة، فهل يمكن أن نقف كمتفرجين ونستمر فى هذا الموقف؟ أصوات.. لا!


تحذير أمريكى ـ بريطانى
لقد أحسست وأنا الذى لم أشجع مطلقاً اشتباك القوات العسكرية لعدة اعتبارات كثيرة، أن واجبى أن أقف أمام حضراتكم كممثلى الأمة، وأن أطلعكم على جلية الأمر، وأن أقول إنه إذا لم يوقف القتال وقفاً يمنح العرب الطمأنينة فإنه لا مناص من أن تتقدم الجيوش المصرية لإحلال الأمن فى فلسطين (تصفيق).. وبناء عليه.. ونظراً لأن واجبى أن يكون الجيش مستعداً لهذا الدخول.. تقدمت لحضراتكم وطلبت اعتماداً جديداً بمبلغ أربعة ملايين من الجنيهات ليمكن القيام بهذا الغرض.. إن الجيش المصرى بدخوله فلسطين سيقوم بأنبل مهمة قام بها جيش، وهى إعادة السلام لأرض السلام، وهو عنده من الشجاعة، ومن القوة، ومن الاستعداد، مايؤهله للقيام بهذه المهمة فى الحدود التى رسمتها له الحكومة المصرية. حضرة الشيخ المحترم أحمد إبراهيم عطا الله بك: إن استعداد الجيش هو أهم شىء. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: إن الهدنة ياحضرات الشيوخ المحترمون إذا وقعت فستكون لمدة ثلاثة شهور تتجدد إلى أن تتمكن هيئة الأمم المتحدة من إيجاد حل لهذه المسألة، والدول العربية تبحث الآن شروط التهدئة وستوصى بما فيه المصلحة، ولقد أردنا أن تكون هذه الهدنة محايدة بالنسبة للفريقين، وبطبيعة الحال مشروع الهدنة موجود معى ولاداعى لعرضه على حضراتكم لأنه يحتاج إلى دراسة الشروط الواردة به، وستتولى اللجنة السياسية بحثه، ولقد قابلت اليوم عزام باشا، وكنت أريده أن يحضر هذه الجلسة، ولكنه اعتذر وسيذهب وكيل وزارة الخارجية غداً للاشتراك فى اللجنة السياسية. إن يوم 15 مايو آخر يوم. فهل يمكن أن نترك العرب يذبحون.. يذبحون بهذا الشكل، لقد نشأت مشكلة أخرى وهى أن هؤلاء العرب أصبحوا يهاجرون إلى الدول العربية المجاورة، فحينما وقعت حادثة حيفا ذهب آلاف بل عشرات الآلاف إلى لبنان، وقد كما تعلمون قاوم سكانها مقاومة عنيفة، فبطبيعة الحال لما سقطت بدأت الهجرة منها، أيضاً فحينما بدأت هذه الهجرة فتحنا اعتماداً بمبلغ 000,10 جنيه من المصروفات غير المنظورة، ولكن سرعان ما رأينا أن هناك مئات من المصريين فى القدس يريدون أن يعودوا، ويجب أن يبحروا بمركب، ولذلك اضطررنا لاعتماد مبلغ 000,10 جنيه، وافقتم حضراتكم عليه، وبطبيعة الحال فإن مشكلة الهجرة ليست بالمشكلة الهينة، وأهم شىء عند وجود المهاجرين هو واجب المحافظة على الصحة العامة، ولذلك كلفت مدير الحجر الصحى أن يعنى بهذا الأمر، وأن تكون العناية بالنسبة لها الأولوية، كما كلفت إدارة الأمن العام أن تعنى بحفظ الأمن، لأن حضراتكم تعلمون أن الجواسيس والمهربين يدخلون فى زمرة هؤلاء المهاجرين، وتاريخ الجواسيس يخبرنا بأن هؤلاء يتمكنون من دخول البلاد مع هؤلاء المهاجرين، وبالأمس جاءنى وكيل وزارة الصحة المساعد وقال لى: إنك كلفتنى بمسألة العناية بالصحة العامة وقد بلغ عدد المهاجرين الآن نحو 000,14 مهاجر، وقد علمت أن 000,16 مهاجر على وشك الوصول، فإذا احتملت البلاد وجود 000,14 مهاجر، فقد يصعب عليها المحافظة على الصحة العامة إذا جاءها 000,16 مهاجر آخر، ولكن الواجب أيضا ألا أمنع المهاجرين من الحضور إلى مصر، بل يجب أن تتخذ الاستعدادات الكفيلة بصيانة الصحة العامة.. فنحن أمام هذه المشكلة.. إخواننا عرب فلسطين يخرجون من ديارهم ويلجأون إلينا فيجب أن يطمئن هؤلاء حتى يستطيعوا العودة إلى ديارهم.. بدلاً من أن يتركوا ثرواتهم وديارهم وأعمالهم غنيمة للصهيونيين. هذا هو الموقف.. أردت أن أطلع حضراتكم عليه، وعلى سياسة الحكومة المصرية، ولعلكم تتفقون معى على أن الحكومة المصرية قد بذلت كل ما فى وسعها لتفادى هذا الخطر الشديد، ولكن هناك واجباً أهم هو أن البلاد المصرية إذا قالت نفذت، وإذا وعدت أنجزت، فيجب علينا حفظ الأمن والنظام ليعود السلام إلى ربوع فلسطين. الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: الكلمة الآن لحضرة الشيخ المحترم دولة إسماعيل صدقى باشا. حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: ألا يحسن إذا كان لدى بعض حضرات الشيوخ المحترمين بعض الملاحظات أو الاستيضاحات على بيان دولة رئيس مجلس الوزراء تبدأون حضراتكم بها، وبعد ذلك يدلى دولة صدقى باشا بما لديه من بيانات. حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام الشاذلى باشا: أرى أن يناقش المجلس أولاً تقرير اللجنة التى شكلت بالأمس ببحث قضية فلسطين. حضرة الشيخ المحترم أحمد رمزى بك: أنا بدورى أرى أن يتفضل سعادة توفيق دوس باشا مقرر اللجنة بشرح وجهة نظرها، وبعد ذلك تعطى الكلمة لدولة إسماعيل صدقى باشا. الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: لقد استمعت اللجنة إلى ما أدلى به دولة رئيس مجلس الوزراء من بيانات بناء على ذلك قدمت تقريرا بها، وأظن أنه إذا تكلم أحد حضرات الشيوخ المحترمين مستوضحاً أو مستفسرا فؤاد.. الأمر من شأنه أن يجلى الموقف إلى المجلس كثيراً، والكلمة الآن لدولة صدقى باشا.


أسئلة صدقى باشا
حضرة الشيخ المحترم دولة إسماعيل صدقى باشا.. حضرات الشيوخ.. لقد استمعت بكل عناية للبيان الذى أدلى به الآن دولة رئيس مجلس الوزراء، وغرضى من طلب الكلمة هو الاستفسار، لكن هناك بعض المسائل لاتزال بعد استماعى لبيان دولته تحتاج لإيضاح، ولعلى أكون فى هذه الرغبة التى أتوجه بها لا أقصد إدراكى الخاص بل ليتبين للمجلس كل نواحى هذا الموضوع الخطير..إننى سأوجه بعض الأسئلة ولا أدرى من الذى سيتولى الرد عليها.. هل دولة رئيس مجلس الوزراء.. أم سعادة مقرر اللجنة. لا شك عندى أنه لو أننا عنينا بمسألة فلسطين لمجرد الوفاء بالجار كما قال دولة صدقى باشا، لكان لاعتبار المصلحة الخاصة المقام الأول، ولكننا جميعاً فضلنا هذا الاعتبار عن الاعتبار المعنوى، وهو الوفاء بالجار، ولكن أرى أننا ونحن بصدد النظر فى مسألة فلسطين إنما ننظر فى مسألة مصر بذاتها، وأننا بدفاعنا عن فلسطين إنما ندافع عن مصر نفسها. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ عباس الجمل: هذا كلام حق لا شك. حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: إن الخطر الصهيونى فى فلسطين إنما هو خطر على مصر ذاتها، ودليلى مستمد من أقوال دولة صدقى باشا نفسه، تلك الأقوال التى أشار دولته إلى ما يحتمل من عدوان صهيونى على مصر بطائراتهم وقذفها بقنابلهم إذا ما دخلت جيوشهم فلسطين، كما أشار دولته بلباقة محمودة إلى احتمال انكسار قواتنا أمام المدد المتوالى للصهيونية وأمام قواتهم، فإذا كان دولته يخشى هذه النتيجة ودولة الصهيونية لم تنشأ بعد، بل وهى فى المهد، فماذا يكون الموقف غداً لو أنشئت هذه الدولة وأصبح لها وجود. لا شك أن فى هذا الخطر الحقيقى وليس خيالياً، كما أنه ليس بمستغرب، لأنه كما قال دولة صدقى باشا ليس الأمر هو نصف مليون يغزون عشرين مليوناً، بل هو يقول الليلة أن وراء هذا النصف مليون دولة كبرى تمده بالسلاح والذخيرة والعتاد.. فهل يضمن دولته أن هذه الدول تتوقف غداً عن تغذية هذه الدولة الصهيونية الجديدة بهذه الأدوات، وهذا العتاد حتى تنفذ تلك السياسة الخطيرة التى تسعى إليها فى الشرق الأوسط. إذن نحــن فى موقــف لا يـحــتمل التردد.. ولا يشمل كثرة الجدل.. فنحن فى دفاعنا عن فسلطين إنما ندافع عن مصر ذاتها، ولا شك أننى أعتقد أن دولة صدقى باشا لــو أن الأمـــر المعروض على حضراتكم الليلة كان يتعلق بشأن قوات صهيونية تجتاز فعلاً الحدود المصرية، ما كان يتردد فى الوقوف إلى جانب الحكومة فى رد هذا العدوان مهما كانت نتيجته.. وهذا الموقف الذى أشير إليه هو نفس الموقف، وكل الفروق بين الأمرين أن أراضى المعركة تتأخر بضعة كيلو مترات، وهذه الكيلو مترات ستصير بعد قليل فى بلادنا وأراضينا إذا نحن رفضنا وتهاونا فى رد هذا العدوان.


أخطار اقتصادية
ومما لا شك فيه أن الخسائر التى أشار إليها دولة صدقى باشا محتملة فقد تقع خسائر مالية أو أعباء مالية، وقد تتأثر الأحوال الاقتصادية، وقد توقع ذلك دولة رئيس الحكومة، ولكنها أعباء تتحملها كل دولة تقف مثل هذا الموقف لتدافع عن نفسها دون أن تدفع الثمن غالياً من دماء أبنائها وأموالها وعتادها. أى صلاح ينشده دولة صدقى باشا! هل يعتمد دولته إذا نجحت الصهيونية فى إنشاء دولة لهم فى فلسطين.. أن اقتصادنا سيبقى فى أمان من هؤلاء القوم.. إنهم لا يزيدون على 15 مليوناً فى العالم أجمع، ومع ذلك يملكون اقتصاد العالم، فاقتصادنا وحمايته يتأثر ولا يكون إذا أنشئت هذه الدولة الصهيونية فى فلسطين، والتدخل العسكرى هو السبيل الوحيد الذى يدفع الدول الكبرى التى يخشاها الآن دولة صدقى باشا إلى تغيير خطتها، لأنه إن صحت نظرية دولته فى أن الدول الكبرى تخشى أو تحرص على صداقة العرب أو رضائهم، وتخشى أن تنشب الحرب فى الشرق الأوسط بسبب مسألة فلسطين.. وإن صح هذا الفرض فهذا القرار العظيم.. هذا التدخل العسكرى هو الذى سيحمل هذه الدول على تغيير خطتها حتى لا تنضم مع العرب وحتى لا تقوم حرب فى الشرق الأوسط لا يعلم مداها إلا الله.. لذلك أقول إن صح فرض دولة صدقى باشا من الحرص على صداقة العرب فسبيل ظهور هذا الحرص فى الميدان هو التدخل العسكرى فعلاً.. إما أن نبقى جامدين ساكتين فيضيع الوقت بين اجتماعات تعقد هنا وهناك وبيانات تذاع من هنا وهناك، فهذا العمل من جانبنا لن يحرك الدول التى تحرص على إرضاء العرب مادام الأمر فى سكون وهدوء، وليست له نتائج يخشونها، فأما إثارة الحرب فى الشرق الأوسط ولو برضاء العرب.. فإن كان هناك أمل فى أن تحرص بعض الدول الكبرى على رضائنا، تخشى الحرب بالشرق الأوسط فالسبيل الوحيد ولكى نستفيد من هذا الرضا إذا كان موجوداً هو التدخل العسكرى.


مركز مصر
حضرة الشيخ المحترم محمد على علوبة باشا: ليس لى مكان فى القول بعدما سمعته من حضرات الشيوخ، وأن أسمع تأكيدا من الحكومة بأن الجيش المصرى مستعد تمام الاستعداد وأن الحركات العسكرية التى ستعيد النظام والأمن إلى فلسطين إن هى إلا حركات مشتركة بين جيش مصر وبقية الجيوش العربية، وإذا ما أمن لمصر أن تتقهقر أو تتأخر فماذا سيكون مركزها العام أمام الحكومات العربية الآن بعد التصريحات والتأكيدات من ملوك ورؤساء وذلك أمام باقى الشعوب العربية، وإذا أتت الدولة الصهيونية وقد أعلنت أنها لابد لها من أن تكون دولتها من الفرات إلى النيل، وهذه الدولة التى يريدون تكوينها إننى أعتقد شخصياً ولا ألزم أحداً أن يشاركنى اعتقادى، هذا لأنه صدر من هيئة الأمم المتحدة برغبة التقسيم بضغط من أمريكا، ثم جاءت أمريكا نفسها وتنحت عن فكرة التقسيم، واعتقادى الشخصى أنهم كانوا يظنون أن التقسيم سينفذ بلا مقاومة، أى حبراً على ورق، ولما ظهرت تلك المقاومة التى أعتبرها مقاومة شريفة من الفلسطينيين أنفسهم كان لابد من قوة لتنفيذ التقسيم، فإذا كان لابد من قوة لتنفيذ التقسيم حينما تنافس الحكومات وظهر الخلاف بين الكتلتين، وأرادوا أن يعيدوا حقوقهم فعدلوا عن فكرة التقسيم.. وإذا افترضنا أن ما ننفذه الآن بعيد أو مستحيل، وأن كلام الحكومات لا يؤكد لنا كل التأكيد بالانتصار، إذا افترضنا هذا ونحن يجب أن نعتقد أننا سننتصر على شراذم الصهاينة.. إذا اجتمعت الدول وهزمتنا فخير لنا أن نموت بقوة الدول من أن نموت من قوة المرابين. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: أكرر أنه لاشك أن هذه العصابات هى رأس حربة للغزوة الذى يعد ضد هذه الربوع، فإذا اجتمعت كلمة الدولة العربية على مقاومة هذه الغزوات واستأصلت شأفتها وعدم التمكين لها بينها، فلا يمكن لمصر أن تنكص على عقبيها لأنها بذلك تحقق الحظر الذى يخشاه دولة «صدقى باشا» ويخشاه كل واحد منا . حضرات الشيوخ المحترمين: لا يعنينا عندما نقف موقفا فيه كل المصلحة المستمدة من الحق فى أن يكون هذا الموقف الذى ينشأ عن صيانة مصلحتنا فيه أيضا وفاء للجار. إننى مع دولة صدقى باشا فى أن ننظر إلى مصلحتنا أولا، لكن يزيد هذا المصلحة اعتبارا وإجلالا أن تكون مصلحة مقترنة بالوفاء للجار وللعروبة، وهذا الأمر لا يضعفنا، بل يقوى مصلحتنا ومصلحتنا كدولة مصر المستقلة ألا تمكن لرأس الحربة أن تتوطن فى البلاد لأنها لا تقوم إلا على الإرهاب وعلى سفك الدماء وعلى نشر الإرهاب والاضطراب ونشر الشيوعية. وإننى أوافق على أن أمريكا أبدت عطفا على مصر وأوافق أيضا على أنه يجب أن نحتفظ بعلاقاتنا الطيبة، لكن إذا لم نقم بأى بذل للدفاع عن مصلحتنا فهل ننتظر من الغير أن يدافع عنا؟!


لقد قلنا إن تحول أمريكا من الموقف القديم موقف التأييد للتقسيم إلى العدول عنه أو إلى الفتور فيه راجع أولا وبالذات إلى ما بذله العرب المجاهدون من الدفاع عن وطنهم، فهل بعد ما قالته الدول العربية جمعاء من أنها لا توافق على التقسيم وأنها لا تقاومه عندما تكون الأرض لأهلها العزل من السلاح أمام هؤلاء الإرهابيين الذين يذبحونهم ويفتكون بهم كما رأيتم، فهل يكون لنا قدر أو شأن بين الدول إذا ما وقفنا نتفرج على هذه المذابح مكتوفى الأيدى؟! لا يمكن والله، إن لم تدافع عن حقك فلن يدافع آخر عن حقك، لكن إذا دافعت وصمدت فى الدفاع نقدم إليك من يريد صداقتك بمساعدتك ومعونتك، وهذه هى الحياة الدنيا بين الأفراد والأمم. حضرة الشيخ المحترم السيد عبدالمجيد الرمالى: نريد أن نعرف مدى استعدادنا؟ حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: لمصر مركز خاص حقيقة ونحمد الله عليه ونشكر الدول العربية على تقديرها لمركزنا، وقد استخدمت مصر هذا المركز وهذه المكانة فى حدود الحياة الدولية، إننا لم نتحد هيئة الأمم ولم نعمل على الإخلال بالسلام ولم نعمل على تهديد الأمن الدولى، ونحن باعتزامنا الدخول إلى فلسطين، إننا نمنع تهديد السلام العالمى لا أن نخل به، وكان لسياسة مصر أن الدول العربية وافقتها على عدم اتخاذ أى إجراء للعنف، فلم تحاول أى دولة من الدول أن تخرق ميثاق الأمم المتحدة وتسألون حضراتكم الآن عن استعداد مصر واستعداد الأمم العربية، إذا تركنا مصر جانبا فإننى أشرح لكم قوة الدول العربية - جيش المرمى - كما قلت لحضراتكم هو جيش شرق الأردن وهو جيش قوى مدرب له خبرة بالبلاد، ولقد استخدم فى حفظ الأمن فيها كما قلت لحضراتكم بينما كانت العصابات تتصدى للجيوش الإنجليزية فإذا حضر الجيش العربى سكنت العاصفة فرجاله وضباطه مدربون وعندهم كل العتاد. حضرة الشيخ المحترم اللواء حسن عبدالوهاب باشا: كم يبلغ عدده؟ حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: لا أستطيع أن أذكر عدده وحضراتكم جميعا تعلمون أن المهم هو قوة الضرب للجيش وليس المهم عدد رجاله فقوة الضرب عند الجيش الأردنى كاملة. حضرة الشيخ المحترم اللواء أحمد عطية باشا: كاملة بالنسبة. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: نعم كاملة بالنسبة لعدده، انظروا حضراتكم إلى العراق الباسلة إنها نقلت جزءا من جيشها بعتاده ومعداته عبر الصحراء التى تفصل العراق عن سوريا، لقد نقلت قوات من الجيش وافية بمعداتها وعندها طائراتها أيضا، فالجيوش العراقية التى قطعت هذه الصحراء التى لا تتجاوز ألف كيلومتر وصلت إلى سوريا لا لكى تعمل المناورات للنزهة، وإنما جاءت للدفاع عن العروبة وإنقاذ فلسطين، وسيكون لها شأن كبير إذا دخلت أراضى فلسطين، أما سوريا فعليكم جميعا أن تحيوها كما حييتها لأنها جعلت جميع مواردها وقفا على الدفاع عن فلسطين، ولكن بطبيعة الحال معداتها أقل من معدات شرق الأردن والعراق، ولبنان أيضا شريكة سوريا، لكن مواردها محدودة، وإذا كانت معدات سوريا أقل من العراق، فذلك لأن المدة التى تولت فيها أمور جيشها مدة قصيرة، فلم تستكمل بعد استعدادها، لكن لها من بسالتها ومن خبرتها ومن تصميمها على إنقاذ فلسطين ما يجعل قوتها فعالة، وكذلك شأن لبنان، أما عن الجيش المصرى فحضراتكم تعرفون سر بسالته وتنظيمه تنظيما وافيا كاملا عندما نكون على وشك الدخول فى أراض لمقاتلة عصابات إرهابية ولعلكم توافقوننى حضراتكم ولو أننا فى جلسة سرية وفى مجلس الشيوخ الموقر ألا أدلى ببيانات تفصيلية عن عدد الجيش. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ حسن عبدالقادر: «وما النصر إلا من عند الله» حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: نحن قادمون على أمر خطير فلا تلقوا بالكم إلى دعايات الخصم ولا نريد أن نكون أداة لترويج هذه الدعايات الضارة «تصفيق»، كما لا نريد أن نكون أداة لنشر الهزيمة والضعف بين الصفوف وأن الجيش المصري لايمكن أن نصدر إليه الأوامر بالتقدم خطوة إلا إذا اتخذت كل الوسائل الكفيلة لتحقيق الأمور التى ندب من أجلها «تصفيق». حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام محمود بك: هذا هو كل ما نريده. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ أمين أحمد سعيد: هذا يكفى جدا. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: إن كل البلاد العربية تقدر الجيش المصرى وتعرف قوته معرفة حقيقية. حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: دولة رئيس مجلس الوزراء لم يذكر الجيش السعودى. حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: لقد فاتنى ذلك حقيقة، وأنا متأسف لذلك لأننى متصل بالجيش السعودى والدولة السعودية سترسل قوات سيكون لها شأن كبير.
فبناء عليه إذا أردتم أمرا فيمكنكم أن تقوموا به، وإذا صممتم عليه فستصلون إلى تحقيقه، وما سيطلب من الجيش المصرى سيمكنه إن شاء الله أن يقوم بتحقيقه. بقيت هناك كلمة واحدة وليس هناك إعلان حرب، بل هناك بلاد تطيح فيها عصابات تخرج السكان من ديارهم وتذبحهم وتفعل فيهم ما تعرفون وما لا تعرفون، فالجيش المصرى إنما يدخل فلسطين لإعادة الأمن والنظام لسكان هذه الربوع، فهو لا يعلن حربا، وليس أمامه دولة معترف بها وإنما أمامه عصابات يجب عليه أن يطهر البلاد منها. حضرة الشيخ المحترم محمد علوى الجزار بك: يقول دولة رئيس مجلس الوزراء: إن الجيش المصرى سيدخل فلسطين بعد 15 مايو 1948 فهل تشترك معه جيوش البلاد العربية الأخرى؟ حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا رئيس مجلس الوزراء: نعم، لقد لفت صدقى باشا النظر إلى الإصلاحات الاجتماعية الواجب علينا عملها وإلى الخسارة الاقتصادية التى تصيبنا، وإننى أقول لحضراتكم إنه يجب أن تكون للدولة كرامة معززة، فإذا فقدت الدولة كرامتها وإذا فقدت إعزاز الناس لها فكل نشاط اقتصادى لاشك وبدون نزاع إنه زائل، إننا إنما نحمى أنفسنا من الخطر الذى نخشاه ويخشاه دولة صدقى باشا وهو نشر الاضطرابات وإهدار الأمن وانتشار الشيوعية فى البلاد، فيجب أن تكون مصر آمنة من جانبها، وهذا الأمن يقتضى استئصال رأس الحربة، فنحن نعمل لاستتباب الأمن، ومصر مازالت عند سياستها التى قامت عليها فهى لا تلجأ إلى العنف ولا يضطرها شىء إلى أن تحيد عن هذا السبيل، والصبر كما تعرفون حضراتكم مزية، والصبر واجب وهو أيضا فضيلة، لكن استمرار الصبر إزاء الخطر المحدق يعتبر خورا ولا يكون صبرا، إن العتاد والمعدات موجودة فى البلاد ويمكننا الحصول عليها، وقد حصلنا فعلا على كثير منها ونستمر فى الحصول على ما يلزمنا لهذه المهمة. حضرة الشيخ المحترم محمد حلمى عيسى باشا: يجول بخاطر بعض الناس أنهم قرأوا فى الصحف أن الصهيونيين يزمعون إقامة دولة يهودية وأنه قد تصبح هذه المسألة حقيقة واقعة، وإننى مندهش من هذا التصور لأنه لا يسعنى أن من ناس مقيمين أن أحد هذه البلاد فتنت فيما بينها وتدعو أو تنادى بإقامة دولة لها داخل هذه الدولة فيكون لها ما تريد، وهذا الأمر غير جائز قانونا لأنه لا يتفق مع القواعد والأصول المقررة فى القوانين الدولية، فاليهود الموجودون فى فلسطين استنجدوا بدولة أخرى وهى الدولة المنتدبة أى أن تعاونهم لإنشاء وطن قومى لهم هناك فلم يعترف لهم بهذا الحق أحد ولم يرتض عرب فلسطين بهذا الوضع واعترضوا عليه بشدة، فأصبح النزاع منذ ذلك الوقت مستمرا بين العرب واليهود، تكونت عصابات جىء بها من الخارج تحارب العرب وتقاومهم وتعتدى عليهم وتريد هذه العصابات إنشاء دولة هناك، وهو أمر مناقض لمبادئ القانون الدولى، إذ معنى طلبهم إنشاء وطن قومى أنهم كانوا من غير وطن، إن الدولة القومية التى تحتل بعض الدول الصغيرة لا تستطيع أن تنشئ من هذه الدولة الصغيرة دولا تنتمى إليها، فإنجلترا مثلا لا تستطيع أن تقول إن مصر هى إنجلترا وقتما كانت تحتلها، ولا أن تقول فرنسا إن مراكش والجزائر وتونسى هى بلد فرنسى، فالقوانين لا يمكن أن تعترف بمثل هذه الدولة كدولة، لها مزاياها القانونية. الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: هذا الكلام حسن فيما يتعلق بالفقه الدولى وأرجو معالى حلمى عيسى باشا أن يؤجل الكلام فى هذا الموضوع إلى حينه، والكلمة الآن لحضرة الشيخ المحترم فؤاد سراج الدين باشا. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ عباس الجمل: هناك آية قرآنية تقول: «قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون الناس إلا قليلا». حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: إخوانى المحترمين لاشك أن دولة رئيس مجلس الوزراء جدير بالشكر لهذه البيانات القيمة التى أدلى بها لنا فى هذه الليلة، بل جدير بالشكر أيضا على الموقف الذى اتخذه فى هذه المسألة القومية الخطيرة وإنى لأبادر فأعلن تأييدى التام للخطة السليمة التى رأى دولته والحكومة اتخاذها فى هذه المسألة أيضا، لاشك يا إخوانى فى أن الموقف الليلة هو موقف خطير جدا ولعله يعرض على البرلمان لأول مرة فى تاريخ مصر.


حضرة صاحب الدولة محمود فهمى النقراشى باشا: هذا صحيح. حضرة الشيخ المحترم فؤاد سراج الدين باشا: وهو موقف تحتار فيه البلاد بين دفع العدوان عنها وبين البقاء هادئة ولا تحرك ساكنا!


مجلة روز إليوسف المصرية 12/01/2009 م عن خبر بعنوان

د. أحمد بهجت: مساحة التحرير 45 ألف متر تستوعب 75 ألف متظاهر فقط



جولة الصحف. د. أحمد بهجت: مساحة التحرير 45 ألف متر تستوعب 75 ألف متظاهر فقط






    جولة الصحف. د. أحمد بهجت: مساحة التحرير 45 ألف متر تستوعب 75 ألف متظاهر فقط

    قال الدكتور أحمد بهجت رجل الأعمال وصاحب شبكة قنوات دريم إنه طلب من مكتبه الهندسي دراسة مساحة ميدان التحرير والطاقة الاستيعابية له والتي كشفت أن مساحة الميدان لاتزيد على 45 الف متر تستوعب علي اقصي تقدير 75 الف متظاهر مؤكدا ان ما يتردد عن وجود مليونيات في ميدان التحرير عار تماما من الصحة وحديث غير علمي بالمرة.
    وأضاف لصحيفة "الجمهورية" ان حكومة الدكتور عصام شرف لم تصدر اي قرار حتي اصبحت مصر مجمدة منذ يناير الماضي الأمر الذي انعكس علي عمل رجال الاعمال والمستثمرين وأثر سلبا علي الاقتصاد.
    وقال إن الإعلام مطالب بالدفاع عن مصر ومصالحها دون النظر إلي أي مصالح شخصية وان مصلحة الوطن تقتضي عدم التحريض والتصعيد وعلي كل اعلامي التجرد والعمل بموضوعية وحيادية.