الجمعة، 16 ديسمبر 2011

قراءة فى عملية استخباراتية سرية في أحداث 25 يناير بمصر




فرانك ويزنر الثانى" : الدبلوماسى المتقاعد ، والسفير السابق للولايات المتحدة فى مصر ، وزامبيا ، والهند ، والفيليبين ، ورجل الأعمال الحالى ، كان أحد كبار رجال الاستخبارات المركزية الأمريكية السابقين ، عمل فى الخارجية الأمريكية لمدة ستة وثلاثين عاما ، وخدم ثمانية رؤساء أمريكيين . اختاره " أوباما" مبعوثا خاصا له إلى مصر - على وجه السرعة - فى الحادى والثلاثين من يناير من عام 2011 فى ذروة التظاهرات المصرية لعقد اجتماعات عالية المستوى الرئيس حسنى مبارك ".
لم يكن  ويزنر الثانى " مجرد دبلوماسى أمريكى عادى . إنه عضو عائلة معروفة جيدا فى أسرة الاستخبارات المركزية الأمريكية ، وكان متزوجا من " كريستين دى كناى" ، التى تنتمى إلى عائلة زوجة والد الرئيس الفرنسى الحالى "نيكولاى ساركوزى" . وهو ابن أحد أكبر الجواسيس الأمريكيين سيئى السمعة وهو "جارديان ويزنر" ( 1909-1965 ) أحد مؤسسى جهاز الاستخبارات الأمريكية ، وأحد أهم السفراء الأمريكيين البارزين فى عهد الامبراطورية الأمريكية. رأس " ويزنر الأب " مكتب الخدمات الاستراتيجية لجنوب شرق أوربا خلال الحرب العالمية الثانية . كان مسئولا فى فترة الحرب عن العديد من العمليات الاستخباراتية التى كانت سببا فى تحديد طريقة عمل جهاز الاستخبارات. شملت مسئولياته جميع أمور الدعاية ، والتخريب ، وتشويه المعلومات . كان " وايزنر الأب " ، مهندس عملية المخابرات الأمريكية " الطائر العياب" وهو برنامج استخباراتى يهدف إلى اختراق كل وسائل الإعلام الأمريكية والأجنبية . أشرف على انقلاب " جواتيمالا " ضد الشيوعيين . وفى عام 1952 عين رئيسا لإدارة التخطيط فى جهاز الاستخبارات الأمريكية مع " ريتشارد هيلمز" رئيس العمليات . وكان العقل المدبر وراء الإطاحة بحكومة " مصدق" فى إيران فى عام 1953 الذى مهد الطريق لـ "محمد رضا بهلوى " ليكون امبراطورا لإيران . . أصيب بانهيار عصبي عقب إحباط السوڤيات للثورة المجرية في 1956، ولم يشف منها، وأخيرا انتحر في عام 1965.


درس " فرانك الإبن " في مدرسة وودبري فورست، ثم جامعة پرنستون، حيث تعلم اللغة العربية ، وتخرج في عام 1961، ثم التحق بوزارة الخارجية الأمريكية كدبلوماسي في ديسمبر من ذلك العام.


كان " ويزنر الابن " معتادا على العمل فى الظروف الفوضوية . أرسله " بوش الأب " إلى الفيليبين عام 1991 للإطاحة بـ" فرديناند ماركوس" وتوطيد حكم " كورازون أكينو" ، ونجح فى إحباط عدة محاولات انقلاب لجماعات متمردة فى الجيش الفيلبينى".


قال متحدث باسم البيت الأبيض أن "وايزنر الإبن " لديه خبرة واسعة بمنطقة الشرق الأوسط ، شارك في رئاسة مجموعة عمل مستقلة مع" جيمس بيكر" فى إعداد نموذج لدور الولايات المتحدة في العراق بعد الغزو ، وقد تضمنت توصياتهم المنشورة : إرساء القانون والنظام من خلال اعادة تدريب الجيش العراقي ، والتركيز على توزيع المعونات الإنسانية ، وإعادة تأسيس الخدمات الحيوية ، وأهمية تجنب تعيين قادة المعارضة العراقيين العائدين من المنفى في مناصب نافذة في الحكومة الجديدة.


كانت لدى "ويزنر الإبن " علاقات وثيقة مع العديد من المصريين داخل وخارج الحكومة . وأفادت" النيويورك تايمز "أنه صديق شخصي للرئيس المصري" حسني مبارك" ، وترجع هذه الصداقة إلى أواخر الثمانينيات حينما كان " ويزنر" سفيرا للولايات المتحدة فى مصر فى الفترة (1986-1991 ) .


كشفت صحيفة "الاندبندنت " البريطانية أن لمبعوث الرئيس الأمريكى مصالح تجارية فى القاهرة ، فهو يعمل لصالح شركة " باتون بوغز "، وتعمل شركاتها في مشاريع النفط ، والغاز ، والاتصالات ، والبنية التحتية.. ورأس أحد شركائها غرفة التجارة الأمريكية - المصرية . كانت الشركة تقوم بالترويج للتجارة ، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر، ونجحت الشركة أيضاً في حل المنازعات المتعلقة بالخلافات في اتفاقات مبيعات الأسلحة الناجمة عن قانون المبيعات العسكرية الأمريكية ".


يقول "نيكولاس نوي" الباحث السياسي الأمريكي المقيم الآن في بيروت ، والباحث السابق لدى "هيلاري كلينتون " : "المشكلة الرئيسة هي أن "ويزنر" أُرسل إلى القاهرة بناءً على طلب من وزيرة الخارجية وهذا يمثل تضارباً في المصالح ، ولكن الأكثر خطورة هو أن تكون الولايات المتحدة بدأت تنتهج سياسة تعاقد أو خصخصة مع شركات خاصة لتدبير الأزمات ، فهل تعاني الولايات المتحدة من نقص الدبلوماسيين لتدبير هذه الأزمات ؟".


أُرسِل " ويزنر الإبن " إلى مصر بناء على طلب صريح من الرئيس " أوباما " للتفاوض فى أمر إيجاد حل لأزمة التظاهرات المصرية. وكانت مناقشاته مع " مبارك " مقدمة لخطاب مبارك فى يوم الثلاثاء الأول من فبراير الذى أكد فيه أنه لن يتنحى عن رئاسة مصر حتى إجراء انتخابات جديدة فى نهاية 2011. أكد " ويزنر" فى تصريح له أن " مبارك " قد يُسمح له بالبقاء فى منصبه . وقال خلال مناقشة شارك فيها عبر الدائرة التليفزيونية المغلقة فى إطار المؤتمر حول الأمن فى ميونيخ بجنوب ألمانيا ، :" انه يرى أن بقاء مبارك رئيسا للبلاد أمر حيوى، وأنها فرصة له لتحديد ماذا سيترك خلفه ، فمبارك كرس ستين عاماً من حياته فى خدمة بلاده ، وإنها اللحظة المثالية بالنسبة إليه لتحديد المسار الواجب سلوكه ، وأنه يجب التوصل إلى تفاهم وطنى حول الظروف المناسبة للانتقال إلى المرحلة التالية ، وعلى الرئيس أن يبقى فى منصبه لتطبيق هذه التغييرات".


سرعان ما أعلن البيت الأبيض براءته من تصريحات " ويزنر" وأنها لا تعبر إلا عن وجهة نظره الخاصة وليست وجهة نظر البيت الأبيض.وقال مسئول فى إدارة أوباما بواشنطن :" إن "فرانك ويزنر" ، الدبلوماسى الواسع النفوذ ، والسفير الأمريكى السابق فى مصر، الذى التقى بمبارك بطلب من أوباما هذا الأسبوع ، كان يتحدث باسمه وليس باسم الحكومة الأمريكية.


يقول "مايكل شوسودوفسكى"الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا بكندا : " كانت اللقاءات التى تتم بين " مبارك" و" ويزنر " وراء الأبواب المغلقة جزءا من أجندة المخابرات الأمريكية " لم تكن للولايات المتحدة النية فى إيجاد حل لأزمة التظاهرات . كانت أولوياتها هو تغيير النظام . أوصى " ويزنر " صديقه "مبارك" بألا يتنحى ، وكانت واشنطن تسعى من ذلك إلى إيجاد جو من عدم الاستقرار والفوضى والارتباك ، فينهار النظام النقدى فى مصر بسبب بلايين الدولارات التى تخرج منها أثناء هذه الفوضى ".


هكذا غدرت الولايات المتحدة بالرئيس "مبارك"، واستخدمت فى ذلك صديقا أمريكيا حميما له – (قد يكون) غدر به أيضا وأن الشركة التى تفخر بتقديم خدماتها لمبارك وللجيش المصرى ، وتدخل معهما فى صفقات اقتصادية كبيرة الحجم (قد تكون) شركة خاصة لتدبير الأزمات فى مصر فى نفس الوقت ، طبقا لافتراضات "نيكولاس نوى" الباحث السابق لـ "هيلارى كلينتون " .. والأهم من هذا كله هو أن كل ذلك كان على حساب خراب اقتصاد مصر ، وهذا ما تريده الشركة ومايريده أوباما والولايات المتحدة أيضا (طبقا لتحيلات شوسودوفسكى)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق