الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

تهجير أهل النوبه





كانت النوبة تمتد بطول ‏350‏ كيلو مترا من الشلال الأول وحتي الشلال الثاني جنوب أسوان بطولنهر النيل من قرية دابود في الشمال وحتي قرية أدندان عند خط عرض ‏22‏ درجة عند وادي حلفا‏,‏ وتم تهجير النوبيين الذين يعيشون في هذه القري وكان عددهم ‏17699‏ أسرة مع بناء السد العالي‏.‏

وكانت النوبة القديمة تضم ثلاثة فروع‏، ففي الشمال كان يقيم الكنوز ويقيمون حاليا في قري البر الغربي ومازالوا محتفظين بالطابع النوبي في العادات والتقاليد وشكل البيوت القديمة وفي الوسط كان يقيم العرب الذين ينحدرون من أصول عربية وفي الجنوب يقيم‏ (‏الفدجة‏)‏ ويقيم أغلبهم حاليا في مركز نصر النوبة في قري علي شكل نصف دائري من قرية بلانة حتي كلابشة‏.‏


الهجرة الأولى


وكانت بداية هجرة أول نوبي مع بناء خزان أسوان عام ‏1902‏ الذي ارتفع معه منسوب المياه خلف الخزان ليغرق عشر قري نوبية وتحمل أهالي هذه القري وحدهم آثار بناء الخزان وقاموا بالهجرة طواعية ودون طلب من أحد فانتقلوا إلي قري في البر الغربي وإلي مختلف محافظات الجمهورية‏,‏ وبعد ذلك حدثت التعلية الأولي للخزان عام ‏1912‏ وارتفع منسوب المياه وأغرق ثماني قري أخري هي قورته والعلاقي والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترمه‏,‏ وبعد ذلك جاءت التعلية الثانية للخزان عام‏1933‏ وأغرقت معها عشر قري أخري وفي الخمسينيات بدأت الدراسات لإقامة السد العالي وتم ترحيل أهالي النوبة خلف السد عام ‏1963‏ إلي هضبة كوم أمبو‏.‏


الهجرة الثانية


وكانت لهجرة أبناء النوبة تبعات فقد بدأت مشاكلها مع بداية الحصر عام‏1960‏ الذي صنفهم ما بين مقيم ومغترب وتم نقل‏42‏ قرية بنفس أسمائها القديمة وأقيمت وحدات صحية وتعليمية وتم امدادها بالمرافق التي لم تكن موجودة في النوبة القديمة وهناك شكوي حاليا من أن البيوت لم تعد تتناسب معهم خاصة أن الأبناء يحتاجون إلي مساكن جديدة فبعد أن كانت تعيش الأسرة في بيت لا تقل مساحته عن الألف متر مربع بخلاف الأرض الواسعة التي كانوا يمتلكونها أصبحت كل أسرة تمتلك بيتا مكونا من حجرة واحدة أو أربع حجرات علي حسب عدد أفرادها‏.‏


نقل قرى النوبة


وأغلب قري النوبة التي هجرت تم نقلها إلي مركز نصر النوبة في صحراء كوم أمبو‏,‏ الذي ما إن تصل إليه حتي تلاحظ معالم التنمية بكافة أشكالها فالشوارع الرئيسية مرصوفة والفرعية ممهدة تماما والبيوت تحتفظ بالروح النوبية مع أنها ليست مثل البيوت القديمة من حيث الشكل لكنها بنيت بطرز مختلفة وأغلبها من دور واحد وبعضها تم تطويره وتعليته لأكثر من دور وجميعها مقامة علي صف واحد ولا يوجد بها أي تشوه عمراني‏,‏ وأمام كل منزل عمود إنارة وبكل قرية وحدة صحية ومدرسة أو مجمع مدارس‏,‏ والنظافة العامة سمة من سمات القري النوبية الجديدة فالزرع الأخضر في كل مكان أمام البيوت وفي الشوارع‏.


مطالبات بالعودة


المهندس خليل جبالي رئيس المجلس الشعبي لمركز نصر بدأ حديثه قائلا‏:‏ النوبة ضحت من أجل مصر وازدهارها بوطنها الأصغر الذي كان يقع خلف السد العالي وكان للنوبيين أملاك واسعة في بلاد النوبة القديمة يتوارثها الأبناء والأحفاد ويبنون بيوتهم فيها دون إزعاج أو تدخل من أحد في أملاكهم الخاصة ومع الهجرة الكبري عام‏1963‏ بسبب بناء السد العالي تم تهجير النوبيين خارج بلادهم إلي هضبة كوم امبو علي امتداد‏50‏ كيلو مترا بعد أن كانوا علي امتداد‏600‏ كيلو متر وقسمت الدولة النوبيين إلي فئتين فئة المقيمين بالنوبة القديمة وأعطتهم بيوتا في القري الجديدة وفئة أخري هم المغتربون وأجلت بناء منازل لهم ولم تبن لهم غير‏50%‏ فقط من مساكنهم‏.‏


وتتلخص مطالب النوبيين في سرعة بناء مساكن للمغتربين وتسليمها لهم خلال خطة خمسية وسرعة تسليم أهالي النوبة أراض زراعية للمستحقين تعويضا عن أملاكهم التي تركوها في النوبة القديمة ونطالب بتوزيع‏5700‏ فدان‏


وأيضا نتيجة لظهور أجيال جديدة يجب أن تيسر لهم الدولة الحصول علي أراضي البناء بأسعار مخفضة كما نطالب بمنحنا الأولوية في الإقامة والتملك في جميع مشروعات الزراعة والإسكان علي ضفاف بحيرة ناصر فهم الأقدر علي التوافق البيئي والمناخي للمنطقة‏.‏


ويشير حسن عوض عبدالسيد عضو المجلس المحلي للمحافظة وأحد أبناء النوبة الي أنه توجد بعض المهاترات تتم من خلال بعض الأشخاص المقيمين خارج قري النوبة الآن وذلك لايمثل الحس النوبي لأن النوبة هنا في أسوان وليس في أي مكان خارجها ونحن لم نفوض أحدا لكي يتحدث بإسم النوبيين فتوجد لدينا القنوات الشرعية التي نطالبها بحل مشاكلنا فالنوبيون منذ أيام الأجداد وهم يضحون من أجل مصر بقناعة تامة وعندما سمعنا البعض يروجون بأن الدولة تفرق بين النوبيين وباقي المصريين شعرنا بضيق شديد لأننا شعب واحد والنوبة جزء لايتجزأ من مصر ففي وقت التهجير عرض إخواننا من النوبة السودانية علينا الإقامة معهم حتي نتجمع في منطقة واحدة ولكننا رفضنا العرض لأننا أبناء مصر ولانستطيع أن نغادرهابالإضافة إلي مطالبنا السابقة فإننا نطالب أيضا بأن يكون هناك ممثل عن مركز نصر في المجالس التشريعية‏.‏


التعويضات‏


ويري حسن يوسف رئيس جمعية تنمية المجتمع بكرسكو ان مايدور الآن علي الساحة من حديث عن مشاكل النوبيين انما هو نتيجة تراخي وإهمال حدث في حق أهالي النوبة فمثلا مشكلة المغتربين بدأت منذ‏42‏ عاما ولم تحل حتي الآن‏ ويطالب بمراعاة الجانب النفسي للنوبيين حيث أن التهجير تم في عجالة ولم تكن المباني قد بنيت كما يجب أن تكون ولا كل من كان يملك أرضا أخذها كاملة ويضيف إن التهجير تم عن طيب خاطر وكنا نشاهد الأهالي وقتها بعضهم يهلل من الفرح والبعض الآخر كانت تسيل منه الدموع فالأهالي كانوا سعداء ببناء السد العالي وضحوا من أجله لكن التعويضات تأخرت بعض الشيء‏,‏ ويضيف محمود اسحاق رئيس جمعية تنمية المجتمع بمدينة نصر أن النوبيين تعرضوا لظلم قديم فمسألة المغتربين لاتزال مطروحة حتي الآن فالحكومة عند التهجير تركت النوبيين المقيمين خارج اسوان وأطلقت عليهم مغتربين في حين انها تعاملت مع المهجرين من أبناء مدن القناة بمنطق آخر‏!‏ فالنوبيون المقيمون بالخارج هم نوبيون أصليون فمثلا أخي ليس له بيت ومن حين لآخر يسألني ابني متي سيأخذ عمي بيتا هنا مثل باقي أفراد العائلة‏.‏










مقاضاة الحكومة


أحمد إسحق، ممثل لجان المتابعة النوبية بالقاهرة.
في سبتمبر 2009، هدد أحمد إسحق ممثل لجان المتابعة النوبية بالقاهرة برفع دعوى قضائية بمجلس الدولة ضد الحكومة، إذا لم تنفذ المطلب الأساسى للنوبيين والمتمثل فى حق العودة، وقال إسحق إن المعيار الوحيد لنجاح زيارة جمال مبارك هو التنفيذ، مشيراً إلى أنه لا حياد عن "العودة" كمطلب أساسى للنوبيين وقال: "لن نسمح بأن تقتصر العودة على 5221 مغتربا، ولا تنازل عن النوبة من الشلال حتى أدندان على الضفتين".


وأكد أحمد إسحق، أن مطالب النوبيين تتضمن عودة الخريجين والمعدمين وصغار الزراع وصغار المستثمرين إلى 44 قرية على ضفاف البحيرة، مشيراً إلى أن برنامج الرئيس مبارك الانتخابى يتضمن إنشاء 1000 قرية. وطالب إسحق بأن يخصص للنوبيين منها 44 قرية من الشلال إلى أدندان على ألا تبعد سوى 2 كيلو متر على ضفتى البحيرة. على أن تصبح هذه المنطقة هى الظهير الصحراوى لمركز نصر النوبة الذى صار مكتظاً بسكانه، ولا توجد به مساحات كافية للبناء.



هناك تعليقان (2):

  1. http://gate.ahram.org.eg/UI/Front/Inner.aspx?NewsContentID=114173

    ردحذف
  2. القاهرة ـ القدس العربي ـ من حسام أبوطالب ـ هدد أكثر من مليوني نوبي الحكومة المصرية باللجوء للمحاكم والمؤسسات الدولية من أجل الحصول على حقوقهم التاريخية طالما أصر النظام المصري على تجاهل قضيتهم العادلة والتي أسفر إهمالها عن وقوع العديد من المآسي لأهالي النوبة.

    وفي تصريحات خاصة لـ"القدس العربي" أكد الكاتب والناشط حجاج أدول إن الذين يتهمون النوبيين بأنهم يتخلون عن وطنيتهم لأنهم يلجأون للخارج عليهم أن يعلموا بأن هذا الفصيل لم يكن يوما أقل وطنية عن غيره من فصائل المجتمع المختلفة، مشدداً على أن الحكومات المتعاقبة هي التي تدفعهم من أجل البحث عن سند لهم في أي مكان من أجل أن يحصلوا على حقوقهم الضائعة منذ حقب زمنية طويلة.

    وأكد على أن تدويل قضية النوبة بدأ بتحريض من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي طالب بدعم الهيئات الدولية من أجل حل مشكلة آثار النوبة التي تعد ثروة حضارية، ولكن للأسف على حد رأي إدول فإن النظام المصري في عهد الزعماء الذين تولوا رئاسة مصر إهتموا فقط بالحجارة وكل ما له علاقة بالآثار، أما الذين أبدعوا تلك الحضارة من البشر فقد تعرضوا للاهانة والتغريب والتجاهل وأقصوا عن قراهم وبيوتهم التي نشأوا فيها وأصبحوا هائمين على وجوههم طيلة نصف قرن لم يستمع إليهم أحد وتم خداعهم من خلال العديد من الوعود التي لا يتحقق منها شيء.

    وشدد على أنه والعديد من رموز النوبة مع تدويل قضيتهم طالما أن النظام المصري أصبح لامبالياً تجاه محنتهم ولايريد كبار المسؤولين عمل شيء "ليس هناك مشكلة في طرق أبواب الجهات الدولية في ضوء النهار طالما أن الحل ليس موجوداً عند الحكومة للبحث عن مخرج، فمن غير المقبول أن يظل شعب بأكمله مغيباً ومنسياً بينما الذين تسببوا في مشكلته لايحركهم ضمير ولا وازع كي يصححوا الأوضاع".
    وبالرغم من الأعوام التي ضاعت هباء من اعمار النوبيين إلا أن إدول يطمح لأن يكون الحل داخلياً غير أنه يرى في العروض المقدمة بأنها لا تمس كبد الحقيقة ولاتنهي المأساة بل ولاتجفف أحزان وجروح النوبيين.

    أما أحمد إسحاق المتحدث باسم أهالي النوبة ورئيس لجان المتابعة الإعلامية والقضائية فأوضح لـ"القدس العربي" بأن الأزمات المتتالية للنوبيين منذ بداية تهجيرهم كشفت النقاب عن أن المحنة التي تعرضوا لها لم تؤد لتعاطف القوى الأخرى معهم من أجل الضغط على النظام كي يعيد الحقوق لأصحابها.

    كما عبر عن شعوره بالأسى لأن الغطاء الإعلامي الذي كان يوماً كبيراً تراجع عن ذي قبل بشكل كبير حيث أصبح الكلام عن الأزمة غير مطروح بالمرة في أجهزة الإعلام التابعة للدولة، وفي مقدمتها التليفزيون المصري الذي لايهتم إلا بالحديث عن إنجازات وهمية غير موجودة على أرض الواقع.

    وكشف النقاب عن أن أهالي النوبة سيلجأون للقضاء المصري مجدداً على أمل أن يكون الحل قريباً ونهائياً كي لايؤدي الأمر في نهاية الأمر إلا للحصول على حقوقهم، قبل اللجوء لتدويل القضية، مشيراً إلى أن تدويل قضية النوبة قد يكون وجهة نظر البعض وليس كل النوبيين.

    وأشار الى ان الحكومة ترغب في حصر النوبيين في مساحة ضيقة للغاية من أراضي محافظة أسوان، بينما تمنح المساحة الأكبر من الأراضي لرجال الأعمال والأثرياء التابعين للحزب الحاكم أو الذين تربطهم علاقات وثيقة بالنظام.

    جدير بالذكر أن النوبيين رفضوا عرضاً تقدم به محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد ويقضي بتجميع 44 قرية نوبية في وادي كركر والذي يبعد عن مياه السد العالي مسيرة ستة كيلومترات مما يعني تعرضهم لمشاكل معيشية عديدة.

    واعتبرمثل ذلك الاقتراح بأنه لايحل المشكلة بل يساهم في القضاء على الأمل المتبقي لدى الأهالي والمتمثل في توطينهم بشكل يسمح لهم بممارسة حياتهم بشكل إنساني.

    وأشار إسحق إلى أن الحكومة إذا لم تحل تلك المشاكل التاريخية فإن الأهالي سيجدون أنفسهم أمام حل أخير يتمثل في اللجوء للمحاكم الدولية وهم يشعرون بالمرارة لأن الحكومات المتتالية لم تقدم لهم حلولاً بل ظلت تراوغهم حتى انتهى الأمر بهم بعد طول إنتظار إلى الوقوف أمام حائط مسدود.
    __________________

    ردحذف