الجمعة، 2 ديسمبر 2011

وثائق الاتصالات السرية بين الجماعة و أمريكا وإسرائيل



تحقيقات وحوارات > وثائق الاتصالات السرية بين الجماعة و أمريكا وإسرائيل

 ارسل    اطبع     ( 7 تصويتات )
     

البوم الصور و الفيديو







كتب rosadaily

تحقيق: توحيد مجدى

(الحلقة الأولي)


مستندات سرية حصلت عليها «روزاليوسف» تكشف عن وجود اتصالات سرية بين جماعة الإخوان المسلمين في مصر والمخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، وبقدر صلات التوجس والتجسس علي خطط وتحركات الجماعة، يرصد التاريخ مسارات التقارب بين الإخوان كجهاز تنظيم وبين الموساد.

جري تداول معلومات بشأن وجود مكتب للإخوان المسلمين في تل أبيب اقترن باسم الشيخ "محمد طاهر أمين الحسيني" ولد بالقدس لأب كان مفتي القدس عام 1896 وتوفي 4 يوليو عام 1974- وهو مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في إسرائيل وفي سن مبكرة ألحقه والده بمدرسة الفرير بالقاهرة لمدة عامين ومن بعدها ألحقه بجامعة الأزهر الشريف ثم ينتقل ليدرس الآداب في جامعة فؤاد ويلتحق بدار الدعوة والإرشاد بمصر حيث يقابل الشيخ الصغير "حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا" -ولد في 14 أكتوبر 1906 واغتيل بالقاهرة في 12 فبراير 1949- الذي كان يزور الدار لأول مرة مع والده وربما كان البنا طفلا مثيرا غير مثله من الأطفال فقد ظل الحسيني يتذكره حتي مع فارق العمر بينهما ، وفي عام 1914 يترك الحسيني القاهرة بسبب نشوب الحرب العالمية الأولي ويسافر إلي اسطنبول ليلتحق هناك بالمدرسة العسكرية ويتخرج سريعا برتبة ضابط صف في الجيش العثماني غير أنه لاعتلال صحته يترك الخدمة بعد 3 أشهر ويعود للقدس ليجد القوات البريطانية قد سيطرت عليها عام 1917 فيلتحق بالمتطوعين ضد الاحتلال البريطاني لفلسطين، في عام 1928 يصل خبر الطفل حسن البنا الذي عرفه الحسيني صغيرا فيسافر الحسيني سرا للقاهرة ويتقابل مع بعض مريدي البنا من الشباب ويصل إليه ومثله مثل غيره من الكثيرين الذين أعجبوا بفكر البنا أعلن الحسيني ولاءه للجماعة المصرية بل عمل مع البنا في الدعوة لمدة أشهر قليلة لكنه يترك القاهرة سريعا فقد توفي أخاه كامل الحسيني مفتي القدس، وهنا يصبح أمين الحسيني أول ذراع قوية ومؤثرة للشاب حسن البنا في فلسطين وتوثق الوثائق الإسرائيلية تلك العلاقة التاريخية، وفي عام 1924 يقترح البنا علي الحسيني إنشاء أي كيان يراه مناسبًا حتي يتخرج الإخوة فيه فيؤسس الحسيني بأمر البنا، الكلية الإسلامية بالقدس ثم يسافر ثانية للقاهرة للحصول علي المزيد من خطط البنا ويعود بفكرة إنشاء دار للأيتام المسلمين ويشير عليه البنا إلي ضرورة أن يبدأ في طرح نفسه دوليا وعربيا فيعلن الحسيني عن إنشاء لجنة إعمار وترميم المسجد الأقصي ويجمع له البنا التبرعات ليساعده لينهي المشروع في عام 1929 وينتخب بسببه لرئاسة مؤتمر العالم الإسلامي منذ عام 1931 ويرسل له البنا خطاباً صغيرًا يقرأه ثم يقرر إقامة أول جمعية سيعتبرها اليهود في فلسطين تهديدا مباشرا لهم وهي جمعية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ومقرها القاهرة لمقاومة الصهيونية وإعلان الجهاد في وجه المحتل الإنجليزي واليهود.

الشيخ الحسيني ولقاء هتلر:

ومن هنا تنشأ الفكرة اليهودية التي تطورت بعدها لأقسام رسمية بأجهزة مخابرات الدولة الإسرائيلية الوليدة لمكافحة الإخوان المسلمين، غير أن العامل الرئيس والمباشر كان في انضمام الحسيني للمناضل الفلسطيني "عبد القادر موسي كاظم الحسيني" -ولد في اسطنبول عام 1910 وأستشهد في 8 أبريل 1948- واعتناق عبد القادر الحسيني لفكر البنا، علي حد ما ذكر بالوثائق الإسرائيلية وبعد فشل الثورة العربية، لرشيد عالي الكيلاني بالعراق عام 1941 يهرب الحسيني بأفكار حسن البنا إلي طهران ومنها يسافر سراً مع بدايات الحرب العالمية الثانية إلي ألمانيا النازية ليظهر في صور رسمية وهو في لقاء مع "أدولف هتلر" -ولد في 20 أبريل 1889 وانتحر في 30 أبريل 1945- وفي تلك الجلسة التاريخية يسمع هتلر من الحسيني لأول مرة عن الشاب حسن البنا وأفكاره ويثبت التاريخ سواء في الكتب الألمانية أو العبرية أن هتلر جلس مع الحسيني ذلك اليوم لمدة 7 ساعات كاملة بعدها طلب هتلر أن يتقابلا ثانية ليدرسا كل أفكار الجماعة التي بهر بها ويقال في الثابت تاريخيا إن الحسيني نقل لهتلر في الجلسات أفكار البنا دون أن يشعر مع أن الحسيني أنكر أنه جند هتلر للجماعة بالرغم من أن الواقع يثبت العكس، فعقب الجلسة نجد تلك القرارات التاريخية المسجلة لهتلر: فتح أبواب الكليات العسكرية الألمانية لتدريب الشباب العربي المسلم من جماعة الحسيني والبنا، وعد لجماعة البنا من القائد الألماني بحرية الدول العربية بما فيها مصر عقب الحرب بشرط انتصار ألمانيا النازية، نقل وتخزين الأسلحة سرا في مصر لخدمة العمليات السرية الألمانية بالقاهرة ، إقامة أول معهد للدعاة الإسلاميين في برلين ليكون نواة للإخوان المسلمين بعد الحرب، أن يرسل البنا من مصر دعاة شباب ويلحق بكل كتيبة ألمانية داعيا مصريا من الإخوان المسلمين المصريين، الموافقة علي إقامة جيش كامل من الإخوان المسلمين في البوسنة لمقاومة الصرب والمسجل تاريخيا أن الجيش أقيم بالفعل وكان قوامه 100 ألف بوسني جندهم الحسيني بأفكار الإخوان وحسن البنا، وأخيرا منح البنا دعوة من هتلر شخصيا لزيارة ألمانيا والإقامة فيها كيفما يشاء عند طلبه، ربما لا تصدقون لكن تلك هي الحقائق المجردة حصلنا عليها كاملة من داخل صفحات تاريخ الوثائق السرية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية والتي سجلت في عدة كتب. الجدير بالذكر أن هتلر كما هو مسجل، كان قد صرح للحسيني عقب لقائهما الثاني عن دروس الإخوان المسلمين وأفكارهم بقوله: "إنني بعد كل ما سمعته عن الشيخ البنا في مصر أجد نفسي لا أخشي الشيوعية الدولية ولا الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكنني أخشي من ذلك الإسلام السياسي الذي وضعته أمامي .. لكننا سنتعاون معكما".

في أبريل عام 1945 عقب سقوط برلين النازية نجح الحسيني في الهروب من ألمانيا التي أقام بها لتأسيس جماعة الإخوان الألمانية وعندما أيقن أنه مطارد تراسل مع البنا في مصر فخطط البنا لهروبه وطلب من الدكتور "محمد معروف الدواليبي" -ولد في عام 1907 وتوفي في يناير 2004 وهو من تقلد بعدها رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية السورية والذي توفي وهو رئيس المؤتمر العالمي الإسلامي- في رسالة سرية توفير الغطاء للحسيني فقام الدواليبي بتغيير صورته علي جواز سفره ووضع مكانها صورة الحسيني فهرب الحسيني للقاهرة ووصلها في عام 1947 ويثبت التاريخ أن حسن البنا أخفي الحسيني عنده عدة أسابيع حتي حصل له علي وثيقة استضافة رسمية من القصر الملكي كانت تشبه حق اللجوء السياسي لمصر وهو ما حماه من الملاحقة الدولية أيامها، غير أن تاريخ الحسيني لا ينتهي ونجد السلطات الإسرائيلية تحارب حتي التاريخ فتهدم منزل عائلته في صباح الأحد 9 يناير 2011 بحي الشيخ جراح بالقدس الشرقية.

ولكي نعود ونتفهم مدي العداء أو التواصل من خلال المستندات بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية والإخوان المسلمين في مصر ومدي محاولات التقارب بينهم جميعا كان لابد أن نتعرف أولا من مستندات الموساد الحديثة علي رأيه في الإخوان المسلمين ونجدهم يعرفون الجماعة بالآتي: "جماعة دينية شعبية مسلمة سنية تستخدم الدين الإسلامي سياسيا تأسست في مصر عام 1928 وهي جماعة تسعي لدمج الدين بالدستور وصولا لقلب أنظمة الحكم العربية لإخضاعها للشريعة الإسلامية وشعارها الإسلام هو الحل، وللجماعة أهداف سرية وهي تستخدم منذ 11 سبتمبر 2000 سياسة نبذ العنف وشجب الأعمال الإرهابية حتي تصل للحكم وقد وصلت إليه ... وهناك بدايات للاتصال معها" وذلك علي حد تعبير آخر تحديث لمعلوماتهم عن الجماعة عقب ثورة 25 يناير 2011.

وسعي الموساد لفتح الحوار مع الجماعة طبقا للمفاهيم الإسرائيلية فهو ما يعني أن الجماعة تشكل خطرا علي إسرائيل من وجهة نظر الموساد بشكل خاص والمخابرات الإسرائيلية بوجه عام ولابد أنهم سيحاولون الاتصال بها وهنا سنقفز ربما لأحدث محاولات للموساد الإسرائيلي للاتصال بالإخوان المسلمين في مصر وفي المستندات نجد أن مؤتمرا باسم (المؤتمر اليهودي ـ المسلم) قد عقد في 12 مايو الحالي 2011 بمدينة كييف في أوكرانيا ووجه هذا المؤتمر الدعوة علي حد ما ذكرته المستندات الإسرائيلية لعدد من جماعة الإخوان المسلمين في مصر وكانت الدعوات تحمل اسم الحاخام مارك شناير مؤسس ورئيس مؤسسة نبذ العنصرية ورئيس الكونجرس اليهودي العالمي وفي المؤتمر دعا ذلك الحاخام للتآخي بين اليهود والمسلمين ونبذ العنف والعنصرية بين الطرفين وكما دعا للإتحاد بين اليهود والمسلمين لمواجهة الطائفية والراديكالية في كل الأديان ، غير أن ذلك المؤتمر كما تشير المستندات كان واجهة مناسبة للقاءات جانبية عقدت بين الطرفين الإسرائيلي والإخوان وأكدت المستندات أن إجتماعات أخري مماثلة عقدت في بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وهولندا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا وأستراليا خلال عام 2010 - 2011 ودارت كلها حول فكر الإخوان الحديث حول ثوابت التعامل مع إسرائيل وفكرتهم عن السلام والسياسة في مصر والشرق الأوسط، وأشارت المستندات إلي أن ممثلي الجماعة حملوا معهم خطابا قديما لمرشد الجماعة التاريخي مهدي عاكف وفيه يعلن عن تأييد الجماعة منذ وقت طويل للديمقراطية الإسلامية غير أن جملة إسلامية تلك هي ما أقلقت إسرائيل بشكل مباشر.

يوسف القرضاوي عميل سري

الغريب أن المستندات الإسرائيلية تكشف أن الموساد يسعي منذ زمن ليس بالقليل وراء نشاط الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي - ولد في 9 سبتمبر 1926 بقرية صفط تراب بالمحلة الكبري محافظة الغربية- حيث تذكر بيانات الموساد الإسرائيلي المذكورة في المستندات عنه: "ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين ويعتبر من قيادات الجماعة الكبار وقد عرض عليه منصب المرشد العام عدة مرات لكنه يفضل العمل حرًَا وهو يحضر لقاءات التنظيم العالمي للإخوان كممثل عن الإخوان في قطر، المعروف أن الشيخ القرضاوي ألف كتاب (الإخوان المسلمون سبعون عامًا في الدعوة والتربية والجهاد) تناول فيه تاريخ الجماعة منذ نشأتها إلي نهايات القرن العشرين ودورها الثقافي والاجتماعي في مصر والعالم والذي يتضح لنا من المستندات الإسرائيلية الحديثة أنه أهم وأول كتاب يدرس حاليا في إطار منهج أقسام مكافحة فكر الإخوان المسلمين بالموساد والشاباك الإسرائيلي والسي آي أيه أيضا، وعلي ما يبدو أن أهمية الشيخ القرضاوي قد دفعت المخابرات الإسرائيلية علي حد تعبير المستندات إلي استدراجه للقاءات وحوارات مع يهود متدينين بصفته رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث الإسلامية، وتشهد المستندات علي أنهم ذهبوا وراء الرجل حتي لقطر، وتفجر المستندات- ربما لأول مرة بين السطور- أن مكتب العلاقات الإسرائيلية القطرية الذي أغلق عقب الإنتفاضة الفلسطينية الثانية وتطورات أحداثها كانت به ضابط مخابرات من الموساد متخصص في فكر الإخوان المسلمين وأن ذلك الرجل كان له مهمة محددة وضعت له في تل أبيب وهي جمع المعلومات اليومية عن الشيخ القرضاوي ونشاطاته، وأن ذلك الضابط قد نجح حتي في تسجيل بعض محادثات القرضاوي الشخصية، غير أنهم لم يشيروا لكيفية ذلك التسجيل ، نفس المستندات تكشف أنهم في هذا الشأن ظلوا لأعوام يحاولون إثبات وقوف قطر وراء تمويل التنظيم الدولي للإخوان وأنهم شكوا في حسابات تبرعات تبرعت بها الشيخة موزة زوجة أمير قطر وظلوا يتعقبون مع المخابرات الأمريكية خط سير تلك التبرعات دون علم أحد حتي عام 2006، عندما أعلن القرضاوي أنه لا يريد أن يحجب علمه في إطار جماعة الإخوان في مصر وأنه يفضل العمل لكل المسلمين بالعالم، الجدير بالذكر أن الشيخ القرضاوي ممنوع من دخول الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1999 عقب فتواه بشرعية العمليات الجهادية ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالعالم وتجدد ذلك المنع في 2004 عقب فتواه بعدم جواز شراء المنتجات الأمريكية والإسرائيلية، وتكشف المستندات أن عمليات بحث كانت علي قدم وساق وربما لا تزال منذ عام 1995 خاصة عندما أسس القرضاوي برعاية أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان مركز القرضاوي للإسلام المعتدل بقطر، وحددت المستندات بحثهم في العلاقة بين مركز القرضاوي ومعهد كارينجي مالون وجامعة نورث ويسترن وجامعة إيه أند إم في تكساس وجامعة جورج تاون وجامعة فيرجينيا وجامعة كورنل وكلها جامعات ومعاهد اتضح أن لها فروعا في قطر حاليا، وتذكر التقارير أن المخابرات الإسرائيلية والأمريكية حاولوا الاتصال بالشيخ القرضاوي نفسه عن طريق أشخاص جندوا في تلك الجامعات غير أن المستندات لا توضح كيفية الاتصال وهل نجحوا فيه أم لا؟

وتكشف المستندات عن أن أهم اتصالات للمخابرات الإسرائيلية وأكثرها علانية قد كانت تلك التي قام بها الحاخام الإسرائيلي مناحم فرومان، وفيها كلفت الأجهزة الإسرائيلية الحاخام بالعمل علي التقارب مع الفلسطينيين والمسلمين والسعي لكسب ود حماس حتي إنه عقد لقاءات عدة بينه وبين الشيخ أحمد ياسين وعن طريق منظمة حماس جري العديد من الاتصالات علي حد تعبير المستندات التي أشارت إلي توقف تلك الاتصالات مع الإخوان عقب اغتيال الشيخ ياسين، غير أن اختطاف الجندي جلعاد شاليط أعاد الحاخام فرومان للصورة، حيث حمل ورقة اتفاق سرية للإخوان فرع غزة مطالبا إياهم بطلب المعونة من إخوان مصر للمساعدة في إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف في غزة، المستندات تكشف عن أن همزة الوصل بين الإخوان والحاخام الذي كان رسولا لأجهزة المخابرات الإسرائيلية قد كان صحفيا فلسطينيا يدعي "خالد العمري" وأنه منذ عام ونصف العام حدث اتصال بين الطرفين، وتكشف الأوراق أن الموساد حاول الوصول للإخوان في مصر ليس عن طريق الحاخام فرومان فقط بل عن طريق فرع الإخوان المسلمين في تركيا وأن الموساد يومها فتح عدة اتصالات سرية مع الإخوان المسلمين ليس في مصر وحدها بل في تركيا وغزة أيضا وأن تلك الاتصالات علي حد تأكيد المستندات لم تكن كلها بشأن الجندي المختطف إذ قامت إسرائيل بمناقشة عدة قضايا مع الجماعة كانت منها مخططاتهم السياسية في مصر تحديدا وكما هو واضح في المستندات يفتحون النقاط ولا يذكرون فحوي الاتصالات في حالة فريدة من السرية، والجدير بالذكر أن تلك بصراحة تعد من المرات ربما النادرة التي طالعنا فيها مستندات سربت من الموساد عن اتصالات كانت السرية فيها بهذه الدرجة من الغموض حتي إن كاتب تلك المستندات بالموساد يكاد يخفي ما يسجله من وقائع رسمية، وربما كانت استمرارية اتصالاتهم أو حتي محاولات اتصالهم بالإخوان قد وصلت لديهم لتلك الأهمية فراحوا يخفون حتي ما يسجلونه.

اتصال آخر بين الموساد والإخوان نقل بعده الإخوان لخالد مشعل علي حد تعبير المستندات، عرضاً إسرائيليا لإطلاق سراح شاليط مقابل إطلاق سراح آلاف الفلسطينيين غير أن ذلك الاتصال فشل علي حد تعبير المستندات بعد دخول الرئيس المصري السابق علي خط الاتصال وأنه حذر مشعل بسبب اتصاله بالإخوان بمصر دون علمه وربما كان ذلك علي حد تعبير المستندات أحد أسباب تدهور العلاقة بين مشعل والحكومة المصرية وقتها.

وكانت الأوراق قد كشفت رفض الإخوان في مصر استكمال نفس الاتصالات بسبب تداخل عملهم مع فرع الإخوان في تركيا، وأنهم طبقا للمسجل في المستندات الإسرائيلية نقلوا للموساد رفضهم لاستخدام الموساد لهم بتلك الطريقة وعلي طريقة المصريين قالوا للموساد: "خلي فرع تركيا ينفعكم" .

أما الحاخام فرومان الذي يعمل كهمزة وصل في تلك الاتصالات منذ أكثر من 40 عامًا علي حد تعبير المستندات فالغريب أن الأوراق تؤكد أن تقريباً كل من اتصل به من إخوان فلسطين وطلب منه توصيله بإخوان مصر قد قتلته إسرائيل بعدها وهو ما دفع الإخوان في مصر منذ عام 2000 للتأني في السماح للموساد الإسرائيلي بفتح قنوات جديدة للاتصال، وكانت الجماعة في مصر قد رأت أن الإخوان في فلسطين يقتلون واحدا تلو الآخر تقريبا عقب كل لقاء مع الحاخام فرومان الذي كان يقوم بعد قتل أي عضو بالجماعة في فلسطين بتقديم هدية تذكارية علي شكل مصحف لأسرة القتيل.

اتصال آخر مسجل لديهم كان في بداية عام 2010 عندما هاجم البابا بنديكت بابا الفاتيكان بعض المفاهيم الإسلامية وجاء التعليق السخيف من فنانين بالدنمارك، فقد أرسلت المخابرات الإسرائيلية الحاخام شلومو عامار مقرر الإفتاءات اليهودية وتقابل مع ممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين وعن طريقهم قابل علي حد تعبير المستندات ممثلين عن الجماعة في مصر وقدم لهم فتوي إسرائيلية تحرم الهجوم علي النبي محمد علي أساس أنه نبي من عند الله ويحرم الهجوم عليه مثله مثل سائر أنبياء الله وأنه طلب حواراً في ذلك اليوم.

المستندات أشارت إلي أن تلك الفتوي كان من شأنها أن ساهمت في تحديث الاتصالات من جديد، فقد أحدثت الظروف قناة اتصال معتدلة بين الطرفين لأول مرة منذ عشرات الأعوام حيث تغير فكر الإخوان في مصر وباتوا أكثر إنفتاحا في سياساتهم ورؤيتهم لإسرائيل، غير أنهم لايزالون يتعاملون معها بحذر، وتشير المستندات إلي أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية منفتحة علي الجماعة في مصر وتحركاتها مما زال الكثير من الغموض بين الطرفين وخلق حالة من استقرار الاتصالات بينهم حالياً كانت ذروتها في فتوي إسرائيلية ربما مدفوعة من الموساد الإسرائيلي بشرعية صلاة اليهود في مساجد المسلمين، وهي تلك الفتوي التي صدرت عن طريق حاخامات عملوا بين الطرفين كهمزات وصل في العامين الماضيين وتحديدا منذ عام 2009 علي حد تعبير المستندات نفسها.

الإخوان وثورة 25 يناير أمام الكونجرس

ذلك التقارب بين الموساد وجماعة الإخوان وحالة الهدوء الحذر وتبادل الفتاوي المفيدة للطرفين في العلاقات بينهما علي حد تعبير المستندات هو ما ساعد في تبرئة ساحة الإخوان أمام الكونجرس الأمريكي في 16 فبراير الماضي، ففي خلال جلسة استماع الكونجرس الأمريكي لشهادات المخابرات الأمريكية حول أحداث الثورة في مصر قال رئيس المخابرات الأمريكية "ليون بانيتا"عين في 5 يناير 2009 رئيسا للسي أي أيه- للكونجرس ردا علي سؤال محدد من الكونجرس كان: "هل جماعة الإخوان المسلمين في مصر جماعة إرهابية متشددة؟"، فما كان رد الرجل المسجل إلا أن قال: "إن الواقع يدفعنا أن نشهد بأنه من الصعب فعلاً تقييمهم كجماعة متشددة دينياً حيث إنهم في اتصالات مستمرة بيننا وبينهم وبين أجهزة مخابرات إسرائيل وأن كل الاتصالات تؤكد يوماً بعد يوماً أنهم جماعة سياسية منفتحة تسعي لإثبات نفسها كجماعة سياسية يمكن الاعتماد عليها" وأشار الرجل في شهادته إلي أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر علي حد تعبيره في الشهادة المسجلة ربما كانت من بين أذكي الجماعات السياسية الدينية بالعالم حاليا، لأنها، علي حد قوله، قد طورت أفكارها في فترة وجيزة لتتفاعل مع محيطها السياسي والجغرافي لتحقيق أهدافها الخاصة.

وكان بانيتا قد رد في سؤال آخر للكونجرس الأمريكي حول "هل يوجد متشددون في الجماعة لا تعرف المخابرات الأمريكية عنهم معلومات بعد؟"، بقوله: "في الواقع كل الاتصالات بيننا وبينهم وكذلك اتصالات الموساد معهم والتي نقدم منها نسخة مفصلة بالتواريخ والبيانات لم نستطع تحديد حقيقة وجود متشددين أو فصيل متشدد بينهم وربما يكشف الرجل دون قصد في جملة مسجلة قوله: "إن الإخوان المسلمين في مصر لا يتصلون بنا وحدنا في السي آي إيه وأن تلك المعلومات التي نقدمها لكم اليوم أمام الكونجرس الأمريكي ليست ثمار اتصال منفرد بين السي آي إيه والإخوان في مصر، لأن الإخوان عملياً يتصلون منذ أعوام بأكثر من 16 جهاز مخابرات بالعالم ومعلوماتنا تعد خلاصة بيانات أجهزة مخابرات العالم عن رأيهم فيما أسفرت عنه اتصالاتهم بالإخوان في مصر ونهاية برأينا نحن في السي آي إيه فيمكننا أن نقطع بأن الجماعة قد نبذت العنف حالياً وأنها تسير بكل طاقتها للسيطرة علي مقاليد الأمور السياسية في مصر" ، وذلك علي حد تعبير شهادة رئيس المخابرات الأمريكية أمام الكونجرس الأمريكي في 16 فبراير الماضي.


تحقيقات وحوارات > الإخوان والموساد وCIA.. سري للغاية (الحلقة الثانية) ..مستند يكشف تعاون أمريكا مع الإخوان أيام الثورة لقلب نظام الحكم في مصر

 ارسل    اطبع     ( 4 تصويتات )
     
-







كتب rosadaily

كتب- توحيد مجدى
 ثورة 25 يناير وحقيقة الاتصالات بين الإخوان والموساد والمخابرات الأمريكية التي جرت خلالها ستظل مثار جدل طويل تقول المستندات التي نعرضها هذه الحلقة أن الجماعة أوقفت اتصالاتها بالموساد منذ فبراير 2011 وهو ما اثار قلق إسرائيل.

المستند الإسرائيلي الذي أثار انتباهنا فعلا فقد سرح بعيدا وربما بسبب سذاجة فهمنا لحنكة الإخوان السياسية في مصر لا يمكننا أن نستوعبه مرة واحدة، فقد أكد المستند أن الأمر أصبح خارج إطار السرية فيما يخص اتصالات جماعة الإخوان المسلمين بمصر والإدارة الأمريكية نفسها إذ يؤكد المستند طبقاً لمعلومات الموساد في إسرائيل أن مستشارة الرئيس أوباما للشئون الإسلامية السيدة داليا مجاهد ولدت بحي السيدة زينب في عام 1974- هي أصلاً عضو نشط بالجماعة المصرية علي حد معلوماتهم هم في إسرائيل ، وهو الأمر الذي لو كان حقيقيا فما جدوي أي موضوع عن العلاقات السرية للإخوان المسلمين مع الأجهزة الأمريكية لأنه في تلك الحالة ستكون الاتصالات ربما علي مدار الساعة.

ترشيح عبدالمنعم أبوالفتوح تمثيلية

غير أننا مع كل هذا نجد تقرير وضع نهائيا كتب في الموساد عقب ثورة 25 يناير عن اتصالات جماعة الإخوان المسلمين مع الموساد الإسرائيلي في الفترة من 2010 حتي 25 يناير 2011 يفيد بأن الجماعة بعد أن حققت ما كانت تسعي إليه عقب الثورة أوقفت اتصالاتها بالموساد بالكامل بل لم تسمح منذ فبراير 2011 حتي كتابة تلك السطور، طبقاً للمثبت في المستندات الإسرائيلية حتي لقنوات اتصال جانبية من قطاع غزة بلعب دور الوسيط في الحوار مع إسرائيل وهو ما يقلق إسرائيل حاليا وهو السبب نفسه الذي جعل إسرائيل تعود للعبة اتهام الجماعة بالتشدد والإرهاب بدعوي أنهم يخططون للسيطرة علي مقاليد الأمور في مصر ، ويتذرع مستند آخر بالميل لذلك التحليل خاصة بعد قيامهم بالجماعة -علي حد تعبير المستندات- بلعب تمثيلية إعلان عن ترشيح محتمل للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لرئاسة الجمهورية في مصر وطبقاً للمستندات الإسرائيلية فإن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سوف تركز علي ذلك القرار خلال زيارته المتوقعة بعد أيام للبيت الأبيض وفي الزيارة بناء علي ما ذكرته المستندات الحديثة وثق الموساد عدة اتصالات بينهم وبين الجماعة فيها تعهدت الجماعة بعدم السعي للرئاسة في مصر وهي ذات التعهدات التي وثقتها الجماعة لكل الأطراف تقريبا وكشفت المستندات الإسرائيلية عن أن الموساد الإسرائيلي مع المخابرات الأمريكية سوف يعلنون قريبا -ربما سرا لا نعلم- ولكن ذلك علي حد ما جاء بالأوراق عن دعوة جماعة الإخوان المسلمين للحوار الصريح لتحديد الخطوط العريضة في السياسة الجديدة بالمنطقة ، وكشفت المستندات الإسرائيلية عن أن الموساد الإسرائيلي يضغط حاليا علي الإدارة الأمريكية كي تلعب دور الوساطة المباشرة لتفتح حواراً رسميا بين الجماعة في مصر والأجهزة الإسرائيلية خلال الشهرين المقبلين علي حد ذكر المستندات الإسرائيلية.

الجدير بالذكر أن عدد موقع (ديبكا) الإسرائيلي في تاريخ 9 مايو 2011 قد أشار إلي معلومات مشابهة لحد كبير وهي المعلومات التي يمكن لكم مطالعتها حالياً، بينما أكد تقرير إسرائيلي آخر أن اتصالات الجماعة في مصر مع الموساد الإسرائيلي قد تأثرت بشكل ملحوظ منذ تولي الدكتور "محمد بديع عبد المجيد سامي".

- ولد في مدينة المحلة الكبري بمصر في 7 أغسطس عام 1943- المرشد العام الثامن في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين منذ 16 يناير 2010، وأن الموساد سيطلب الأيام المقبلة توسط الرئيس الأمريكي بينهم وبين المرشد الجديد من أجل مناقشة قضايا رئيسية ومهمة في المرحلة المقبله علي حد تعبيرهم في إسرائيل.

وبالرغم من أننا نجد الكثير من العداء في علاقات الجماعة بالموساد الإسرائيلي وهو لا يمكن أن ننكره أو نتغاضي عنه، حيث تتكلم المستندات وتثبت أن الإخوان يستغلون كل اتصال لمصلحتهم وأن واقع المستندات كلها حقيقة لكنه لا تشير إلي التقارب بين الجماعة والمخابرات الإسرائيلية في أي نقطة صراحة لكن يمكن أن تفهم الاتصالات في إطار ترتيب الأوضاع السياسية الجديدة بالشرق الأوسط وهو ما لا يمكن لأي محلل منطقي متفهم لظروف السياسة الدولية أن يتعارض مع فهمه أو يمكنه مثلاً أن يتهم الجماعة بناء عليه.

أما في المستندات التي تخص الاتصالات السرية بين الجماعة في مصر وبين المخابرات الأمريكية فإننا نجد العكس حيث لا يوجد أثر لأي عداء بل نجد مستندا باسم: "العلاقات السرية لواشنطن مع الإخوان المسلمين"، فنتوقف لفحصه وهو بتاريخ 30 يناير 2011 وفيه نجد تلك الجملة الغريبة: "المخابرات الأمريكية في الفترة الأخيرة تحاول استغلال الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط ومن بينها الإخوان المسلمين وذلك كي تحارب تلك الحركات الأنظمة الديكتاتورية التي فشلت الولايات المتحدة علي مدي عشرات الأعوام في تغييرها ومن ثم مساعدة تلك الجماعات سرا وصولا لتغيير الأنظمة ما يمكن الولايات المتحدة من إعادة تنظيم الأوراق في الشرق الأوسط والعالم"، ويكشف التقرير ربما لأول مرة علي حد تعبيره وعلي مسئوليته: "أن العلاقات السرية مع الإخوان المسلمين بدأت منذ الخمسينيات واستخدمت أولاً في زعزعة نظام جمال عبد الناصر في مصر وكأداة حاسمة لتهدئة الإسلام المتطرف في أوروبا، ولمحاربة الشيوعية وفي بعض الأحيان لتقليل الضغوط علي الصهيونية ولو ود أحد الاستفسار فالرد بسيط، فبضغط الإخوان داخليا إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تشتت القرار السياسي المصري ما كان كفيلا بتخفيف الضغط عن إسرائيل، المهم نعود للمستند الأمريكي ونجدهم يتعجبون وهم يحللون الأحداث بعد كل هذه الأعوام فيكتشفون أنه في كل مرة استغلت الإدارة الأمريكية الإخوان في موضوع من كان المستفيد الأكبر هو الإخوان أنفسهم ، ويوثق المستند أول اتصال سري بين الإخوان والمخابرات الأمريكية وكان في لقاء تم بين الطرفين إبان عهد الرئيس الأمريكي "دوايت دافيد إيزنهاور، عام 1953، - ولد في 14 أكتوبر 1890 وتوفي في 28 مارس 1969 وهو الرئيس الرابع والثلاثين في تاريخ حكم الولايات المتحدة الأمريكية من 1953 حتي 1961- وفي عام 1953 وقبل عام واحد من إعلان عبد الناصر عدم شرعية حركة الإخوان المسلمين قامت المخابرات الأمريكية بتنظيم دعوة للعشرات من منتسبي الإخوان في مصر وكان اللقاء يبدو علي أنه تجمع ثقافي في جامعة "برينستون" الأمريكية غير أنه كان لقاء سريا بين الجماعة والمخابرات الأمريكية التي كانت ترغب يومها في ضرب الأفكار الشيوعية قبل أن تنتشر في مصر، وكان من شأنها تقوية حكم عبد الناصر ولأن المخابرات الأمريكية كانت تريد وقتها أن تكون الأغلبية في مصر إسلامية لمحاربة الشيوعية، ويشير المستند إلي أن ممثل الجماعة في هذا اللقاء قد كان شخصا يدعي "سعيد رمضان" عرفه المستند علي أساس أنه زوج ابنة الشيخ حسن البنا الذي كان يومها يشغل منصباً موازياً لوزير الخارجية بالجماعة وهو نفسه والد "طارق رمضان" مؤسس فرع الجماعة في سويسرا علي حد تعبير المستند الذي ذكر الكنية التي أطلقها السي آي إيه يومها لسعيد رمضان وهي: "فلانجيست" أو عضو الكتائب ويذكر المستند الأمريكي الرسمي أن سعيد رمضان أصبح من وجهة النظر المهنية بالمخابرات الأمريكية متعاونا مع السي آي إيه ويشير المستند إلي أن المخابرات الأمريكية قد ساندته رسميا في الفترة من 1950 و 1960 وأنه بمساعدة السي آي إيه سيطر علي أكبر مساجد مدينة ميونخ الألمانية بعد أن طرد منه داعيته الألماني المسلم، ويذكر التقرير أن ذلك الجامع أصبح ولليوم من أكبر مراكز الإخوان المسلمين في ألمانيا وأروبا ولا ينسي المستند أن يؤكد أن الدراسات التي تمت بعدها لتقييم تلك العملية أشارت إلي أن الإخوان حصلوا علي المركز علي أساس أنهم سيحاربون الشيوعية في ألمانيا ووسط أوروبا من خلاله غير أن الثابت أنهم لم يحاربوا سوي عبد الناصر في مصر حيث كانت لهم، علي حد تعبير المستند، دائماً أجندتهم الخاصة يلعبون في كل الاتجاهات لتحقيقها، وهنا يجب أن نشير إلي أن نفس المعلومات قد ذكرت بشكل صحفي في كتاب المؤلف الأمريكي الشهير "لان جونسون" (مسجد في ميونخ ـ النازية والسي آي إيه والإخوان المسلمين) وهو الذي حاز به علي جائزة بولتزر الصحفية.

نعود للمستند حيث يشير إلي أن ذلك المركز استخدمه الإخوان بعدها في قلب نظام الشاه بل وتمت منه عملية تخطيط اغتيال أحد أكبر دبلوماسي شاه إيران في واشنطن نفسها، ولا يترك المستند الأمريكي السري تلك النقطة إلا بعد أن يؤكد علي حد ما جاء به، أن المخابرات الإنجليزية بأنواعها بداية من 1940 كانت تستخدم اتصالاتها بجماعة الإخوان في مصر عندما يتعذر علي الولايات المتحدة فهم السياسة المصرية وقتها وأن العلاقة بين الإخوان والاتصالات السرية بينهم وبين المخابرات الإنجليزية وصلت لقمتها عقب تولي الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ويذكر المستند الدليل علي تلك الاتصالات شهادة ضابط المخابرات الإنجليزي السابق "وليام بير" حيث كان هو وصلة الحوار بين الإخوان في مصر والمخابرات الإنجليزية، ويذكر المستند أن أهم العمليات التي قام بها الإخوان ضد عبد الناصر بتوجيهات من المخابرات الإنجليزية تركزت في الفترة من عام 1954 حتي عام 1970 وأن الإخوان ساعتها كانوا يعملون في ذات الوقت علي اتصالات مشابهة مع المخابرات الأمريكية وأن علاقات الإخوان بالجهازين بداية من عام 1954 كانت تتركز حول كيفية التخطيط لاغتيال عبد الناصر حيث كانت الحرب بينه وبين الجماعة قد بدأت تأخذ شكل أن الذي سيبقي منهم سيقضي علي الآخر.

جدير بالذكر أن المستندات الأمريكية السرية عن العلاقات السرية بين الإخوان المسلمين في مصر وأجهزة المخابرات في العالم لم تحدد في أي جزء منها ماهية ونوعية أي عملية يفترض أن الإخوان قد قاموا بها لكنهم مع كل سطر جديد كانوا يؤكدون وجود الاتصالات السرية دائمة ولا تنقطع ، ويذكر المستند الأمريكي أن السي آي إيه أجري كذلك الاتصالات مع الإخوان إبان حرب فيتنام حيث كانت الولايات المتحدة مشغولة بحربها في فيتنام وأرادت أن تشتت العالم في أحداث أخري فأطلقت يد الإخوان المسلمين بالعالم وهو ما جعل الأنظمة التي يعملون تحتها تستهدف أنشتطهم في تلك الفترة.

المستند الأمريكي المهم كشف لأول مرة عن أن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الابن الذي خلع حذاءه قبل الدخول للمركز الإسلامي في واشنطن في 6 يوليو 2007 كان قد وضع في حملته الانتخابية خطة سرية بنيت علي إعادة الاتصالات بين المخابرات الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين في مصر وأن أول ثمار العمليات التي تمت بين الجماعة والمخابرات الأمريكية كانت في مواجهة جماعات متطرفة إسلامية تحديداً علي حد تعبير المستند، في باريس ولندن وهامبورج وأن في الوقت الذي كان العالم كله يبحث عما سمي بالذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر كانت تلك الذراع تواجه علي الأرض عسكرياً جماعات راديكالية متطرفة علي الأراضي الأوروبية وهي تلك الجماعات التي لم تستطع أجهزة المخابرات الغربية مواجهتها، ويؤكد التقرير أنه بداية من عام 2005 كان قد عقد اتفاق بين الإخوان المسلمين والمخابرات الأمريكية بأن تبدأ الإدارة الأمريكية تدريجياً في الاعتراف بالإخوان كفصيل إسلامي معتدل وأن تبني الخطط الأمريكية منذ ذلك التاريخ علي هذا الأساس مقابل أن يضمن الإخوان الاستقرار عند تمكنهم من الحكم في مصر وهو الاتفاق الذي كان ثمرة مؤتمر عقد في بروكسل عام 2006 علي حد ذكر المستند وفيه تقابل الإخوان مع فصائل إسلامية معتدلة في أوربا وإتفق الإخوان معهم علي ضرورة تهدئه الأوضاع في أوروبا لتخفيف الضغوط علي دول أوروبا فيما يتعلق بمخاطر الإسلام المتطرف، ويشير المستند إلي أن ذلك الإتفاق بين الإخوان في مصر والأجهزة في أمريكا كان بداية لعهد واعد في العلاقات بين الإخوان والإدارة الأمريكية الجديدة التي سيأتي بها الرئيس باراك أوباما.

مستشار سري مصري لأوباما في شئون الشرق الأوسط

الجدير بالذكر أن المستند يشير إلي أن أوباما نفسه لديه مستشار سري في شئون الإخوان المسلمين وأن هذا الشخص الذي لم يذكر المستند اسمه مصري الجنسية وعضو نشط في جماعة الإخوان المسلمين بمصر.

نسرد المستندات دون أن يكون لنا فيها غرض وفي مستند أمريكي آخر نجد تقريراً تحليلياً صادر عن البروفيسور ميخائيل جوسودوفسكي مستشار المخابرات الأمريكية للجماعات الإسلامية السياسية قدمه للإدارة الأمريكية أوائل عام 2010 كتب في عنوانه: "من يساعد السي آي إيه والموساد الإسرائيلي والناتو في إعادة ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيكون الإخوان المسلمين في مصر" ، وفي تحليله يوثق البروفيسور ميخائيل جوسودوفسكي حقيقة أن "كونداليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن تقابلت مع الإخوان المسلمين في عدة لقاءات مسجلة بينهم منها لقاء تم في مايو عام 2008 في البيت الأبيض نفسه وأنهم خلال ذلك اللقاء اتفقوا مع ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي للرئيس جورج بوش وبتفويض كامل من بوش علي عدد من المبادئ في التعامل بينهم وبين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

ونتفحص المستندات فنجد منها ما يذكر أن إدارة الرئيس باراك أوباما قد جددت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والإخوان المسلمين في مصر، وتشير المستندات إلي أن إدارة أوباما كما لو كانت تتنبأ فقد تركزت خطتهم علي مساندة الإخوان سراً في مواجهة نظام مبارك الذي كانت الولايات المتحدة قد أصبحت غير راضية عنه وأن بداية الاتصالات بين أوباما والإخوان قد بدأت في 3 سبتمبر 2009 وتحديداً في شهر رمضان وقتها وأن الرئيس الأمريكي قد تقابل، علي حد ذكر المستندات، سرا في البيت الأبيض علي مائدة إفطار أعدت خصيصا لمناسبة أول لقاء سري بين أوباما وممثلين عن الجماعة المصرية وصلوا واشنطن وقتها لرسم الخريطة القادمة للعلاقات الأمريكية الإخوانية ، وتذكر المستندات أن الرئيس أوباما أعجب بالتفكير الحديث للجماعة وأنهم شرحوا له يومها معظم الأفكار المختلف عليها للجماعة وأنهم انتهزوا الفرصة التاريخية في لقائهم معه لدعوته لمساندتهم، حتي أن المستندات تذكر أن أوباما ضحك يومها وتحدث لرئيس المخابرات الأمريكية الذي حضر اللقاء السري قائلا له: "علي ما يبدو أنهم يدعونني للانضمام للجماعة" وتشير المستندات إلي أن أوباما قبل منهم هدية عبارة عن مصحف عليه شعار جماعة الإخوان وخطاب نوايا من الجماعة تنبذ فيه العنف كعقيدة تخالف الإسلام كما تعهدوا بأنهم لا توجد لديهم ضغائن تجاه إسرائيل وأنهم يؤمنون بمبدأ التفاوض وأنهم لا يعارضون السلام مع دولة إسرائيل ولا توجد لديهم مخططات في هذا الموضوع، وبسبب هذا الخطاب حصلوا علي تأييد أوباما الكامل وتؤكد المستندات أن أوباما حتي قبل هذا اللقاء كان قد فتح قناة حوار سرية حددتها المستندات بأنها شبه أسبوعية وأن أول دليل علي العلاقة الجديدة جاء في الدعوات التي وجهها أوباما شخصياً لكل من النائبين الإخوانيين بالبرلمان المصري الدكتور"حازم فاروق" و"يسري تعيلب" وكذلك الدكتور "سعد الكتاتني" رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان في مجلس الشعب يومها لحضور الخطاب الشهير التي ألقاه بالقاهرة أثناء زيارته الأولي لمصرفي 4 يونيو 2009 وكانت الدعوات من الرئيس الأمريكي شخصيا بالرغم من أنها كانت تبدأ بجملة: "يتشرف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي والدكتور حسام كامل رئيس الجامعة بدعوتكم..» المعلومات موثقة والبيانات عديدة ولا نهاجم أحدا ولا نتهم الجماعة فالقناعة بعد دراسة المستندات كلها تؤكد أنهم يستغلون أي طرف لصالحهم ولصالح أجندتهم الخاصة التي نتمني أن تكون أجندة تسعي في الأصل لخدمة مصر التي عانت كثيرا من فساد نظام قوض كل ما هو جميل، ومن المؤكد أننا لا نعلم ولا نضمن ماذا يمكن للإخوان المسلمين تحقيقه باتصالاتهم تلك غير أننا نرجو أن يعملوا للحصول علي مكاسب ليست فقط لحسابهم بل لحساب الوطن أيضاً. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق